شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح نظم البرهانية
69085 مشاهدة
ولاء الموالاة

وأما ولاء الموالاة.. فقد كان يورث به، ونسخ ذلك؛ ولاء الموالاة، ويسمى الحلف. كان الرجل يأتي وهو أجنبي فينضم إلى قبيلة ويقول: أنا منكم، أنا كأحدكم. ويوالونه ويتولونه فينتسب إليهم ويصبح منهم. نزل في ذلك قول الله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ يعني: كانوا يتعاقدون، ويحلف بعضهم لبعض ويمسكون بالأيمان: أني منكم، وأني من أفرادكم، وأني أخ لكم، أقاتل معكم، وأنصركم وتنصروني؛ ولو أنه من قبيلة بعيدة. ففي هذه الحال كانوا يتوارثون بهذه الآية: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ يعني: نصيبهم من الإرث؛ ولكن جاء بعد ذلك ما نسخه وهو قوله تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ .
فنسخ الإرث بالموالاة التي هي الحِلف، وجاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا حِلف في الإسلام، وأي حلف أدركه الإسلام لم يزده إلا شدة تجدون في تراجم بعض الرواة أو بعض الصحابة: فلان بن فلان حليف الجمحيين، وفلان حليف بني زهرة، فلان بن فلان حليف بني يربوع. يعني: أنه مولاهم، أنه قريبهم بالمحالفة. أصبح الإسلام جمع بين المسلمين، وجعلهم كلهم إخوة؛ فلا حاجة إلى هذه المحالفة التي يكون بها النصرة.
كذلك أيضًا لما هاجر الصحابة إلى المدينة آخى بينهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين الأنصار، كل واحد من المهاجرين عقد بينه وبين واحد من الأنصار أخوة؛ تسمى الموآخاة، وكانوا يتوارثون بذلك، ثم بعد ذلك نسخ بهذه الآية وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ كذلك كان هناك -أيضًا- ولاء بالإسلام. الكافر -مثلًا- إذا أسلم على يدك فإنك تتولاه، وينتسب إلى قبيلتك، وكذلك أولاده وأولاد أولاده؛ ولكن هذا -أيضًا- لا يحصل به التوارث. تجدون في نسب البخاري محمد بن إسماعيل الجعفي ليس هو جعفيًا بالنسب؛ ولكن جده أو جد أبيه أسلم على يد رجل جعفي من قبيلة من العرب يقال لهم: بنو جعف، فيسمى الجعفي البخاري بالولاء؛ ولكن هذا الولاء -أيضًا- لا يحصل به التوارث.