يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
175620 مشاهدة print word pdf
line-top
المشككون في النعيم الأخروي

...............................................................................


ثم نعرف أن المؤمنين الذين صدقوا بهذا الثواب, وبهذه الجنة لا يتعاظمون ذلك، ولو استنكرته بعض النفوس، بعض النفوس وبعض الشكاك، يقولون: كيف يكون هذا في الجنة؟ كيف تكون الجنة لا تفنى ثمارها؟ ولا يفنى نعيمها؟ ولا يبلى شبابها؟ وكيف تكون هذه الأنهار من غير أن تحتاج إلى سقي؟ من غير أن تحتاج الأشجار إلى حفر جداول تسقى إليها؟ وكيف تكون هذه الثمار تتدلى دون أن يصعد إليها؟ وكيف تكون الثمار هانية لا تتغير؟ وما أشبه ذلك، أنكر ذلك كثير, ولا يزالون يُنكرون مثل ذلك.
ذكر بعض الإخوة في مقدمة بعض الكتب أن بعض الملاحدة الذين يتسمّون بأنهم مسلمون؛ أنكروا نعيم الآخرة! حتى نظم بعضهم قصيدة، يقول في أولها:
ومـن أجل مقتي للمخانيث أنكرت
يدي في الجنان أن تُحَلَّى أسـاورَ
نعوذ بالله! أنكر أن يكون الله تعالى يدخلهم الجنة، وأنه يحليهم فيها، أنكر قول الله تعالى:
يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ؛ وما ذاك إلا لضعف العقول, ولنقص المعرفة, أو لضعف التصور؛ حيث قالوا: كيف يتصور أنهم يلبسون هذا الحلي؟ والحلي إنما يلبسه النساء، وكذلك الحرير، وما أشبه ذلك بالزينة، وما دَرَوْا أن الله تعالى يحلي أهل الجنة بهذا لكرامتهم، ولأنه دليل على مكانتهم وعلى شرفهم، فالذين يُنكرون ذلك يكذبون الله، ويكذبون النبي صلى الله عليه وسلم، ويردون خبر الله.
وبعضهم ينكر ذلك استكثارا؛ كأنهم يقولون: كيف تكون الخيمة الواحدة طولها ستون ميلا؟! يعني: في قوله تعالى: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ وكيف يكون لأحدهم مسيرة مائة ميل أو مسيرة ألف ميل؟ له فيها كذا وكذا؟ إذا كان هذا فرد فكيف بالعالم كلهم أين يكونون؟ فيستعظمون مثل هذا ويردونه، وما علموا أن قدرة الله لا تحاط، ولا يتصور ما يخلقه، وأن الله تعالى واسع الفضل، واسع العطاء، وأنه لا يعجزه أن يدخل الجنة أهلها، ولو كانوا ألوف الألوف وألوف الملايين، ما يحصيهم إلا الله تعالى؛ يجعل لكل منهم ثوابا يناسبه، ولا يضيِّق بعضهم على بعض، ولو تباعدت أماكنهم؛ يقدر على أن يجمعهم في أقرب مكان وفي أقرب لحظة ويعطيهم ما يتمنون؛ وذلك كله دليل على كمال قدرة الله، وعلى كمال عظمته؛ فإنه لا يعجزه شيء ولا يشغله شأن عن شأن، يؤمن المسلم بذلك ولا يلتفت إلى هؤلاء المكذبين. نستمع إلى القراءة.

line-bottom