إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
108349 مشاهدة
أنهار الجنة

...............................................................................


وما ذكر أيضا من الأنهار الجارية التي فيها؛ كقوله تعالى: فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ يعني: لا يتغير ولو طالت مدة بقائه, بخلاف ماء الدنيا، فإنه إذا بقي أياما في القدح يأسن، يعني: يظهر له لون متغير, ورائحة متغيرة، فماء الجنة مع كونه عذبا يكون غير آسن.
هذا .. معلوم أن الأنهار التي تجري لا تتغير، ولكن إذا أخذ من تلك الأنهار في الأقداح وبقي أياما، فإنه لا يأسن ولا يتغير؛ كذلك: وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ يبقى على طعمه اللذيذ، ولو بقي مدة ممن شاء الله تعالى، لا يلزم أن يكون من ضروع الحيوانات بل مما يجريه الله تعالى، ومما ييسره: وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ليست كخمر الدنيا: لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ يقول تعالى: وَكَأْسًا دِهَاقًا لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا أي: شرابا يشربونه في كئوس، ولا يحصل فيه ما يحصل في الدنيا من اللغو، ومن الكذب، ومن الغول الذي هو تغير العقل، وما أشبه ذلك.
وكذلك: وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى أي: أنه في غاية الشراب، مصفى, أي: صافٍ ليس فيه ما يشوبه ولا ما يكدره. جميع الأشربة التي يمكن أن تشرب وتتصور توجد في الآخرة؛ وإن كانت موجودة في الدنيا.