إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
107029 مشاهدة
صفة ملك الموت عليه السلام وعظم خلقه وقوته

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: صفة ملك الموت عليه السلام وعظم خلقه وقوته قال: أخبرني الشيخ الإمام الفقيه أبو الحسن عباد بن سرحان بن مسلم المعافري قال: أخبرنا الشيخ الرئيس الرقي الحضرة أبو الرجاء إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد الحداد إجازة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن فاذويه قراءة عليه، وأنا حاضر أسمع في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وأربعمائة قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان رحمه الله تعالى قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق بن يوسف قال: حدثني أبي قال: حدثني حفص عن الحكم بن أبان عن عكرمة رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ قال: يتوفى الأنفس عند موتها قال: وما من ليلة إلا والله عز وجل يقبض الأرواح كلها فيسأل كل نفس ما عمل صاحبها من النهار ثم يدعو بملك الموت عليه السلام فيقول: اقبض هذا وهذا، وما من يوم إلا وملك الموت ينظر في كتاب حياة الناس قائل يقول ثلاثا وقائل يقول خمسا.
قال: حدثنا أحمد بن جعفر الحمال قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع رحمه الله تعالى قال: سألته عن ملك الموت قال: هل هو وحده الذي يقبض الأرواح قال: هو الذي يلي أمر الأرواح وله أعوان على ذلك ألا تسمع قال الله عز وجل: حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ وقوله تعالى: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ غير أن ملك الموت عليه السلام هو الرئيس وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب قلت: أين تكون أرواح المؤمنين قال: عند السدرة.
قال: حدثنا محمد بن العباس بن أيوب قال: حدثنا زياد بن يحيى قال: حدثنا عبد ربه بن بارق الحنفي قال: حدثني خالي زميل بن سماك الحنفي أنه سمع أباه يحدث ولقي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في المدينة بعدما كف بصره قال: قلت لي يا ابن عباس ما تقول في أمر غمني واهتممت به قال: قلت نفسان اتفق موتهما في طرفة عين واحد في المشرق وواحد في المغرب كيف قدر عليهما ملك الموت ؟ قال: والذي نفسي بيده ما قدرة ملك الموت على أهل المشارق والمغارب والظلمات والنور والبحور إلا كقدرة الرجل على مائدته يتناول من أيها شاء.
قال: حدثنا محمد بن شعيب قال: حدثنا أحمد بن أبي سريج قال: حدثنا عبد الله بن الجهم قال: حدثنا عمرو بن أبي القيس عن بشير بن عاصم عن ابن أبي ليلى عن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد رحمه الله تعالى في قول الله تعالى: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ قال: حويت له الأرض فجعلت له مثل الطست يتناول منها حيث شاء.
قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا هناد قال: حدثنا قبيصة قال: حدثنا سفيان عن رجل عن مجاهد رحمه الله تعالى قال: جعلت الأرض لملك الموت عليه السلام برها بحرها وجبلها وسهلها كالطست يأخذ منها حيث يشاء.
قال: حدثنا أبو يحيى قال: حدثنا هناد قال: حدثنا أبو زبيد عن حصين قال: قال الربيع بن خيثم رحمه الله تعالى: عجبت لملك الموت ولثلاثة لملك ممنع في حصونه يأتيه ملك الموت ينزع نفسه ويدع ملكه خلفه، ولمسكين منبوذ بالطريق يقذره الناس أن يدنوا منه ولا يقذره ملك الموت أن يأتيه فينزع نفسه ولطبيب نحرير يأتيه ملك الموت فينزع نفسه ويدع طبه خلفه.
قال: حدثنا أحمد بن روح قال: حدثنا عمر بن محمد بن الحكم قال: حدثنا عبد الرحمن بن حيان المصري قال: قيل للفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: يا أبا علي ما بال الميت تنزع نفسه وهو ساكت وابن آدم يضطرب من القرصة؟ قال: إن الملائكة توثقه ثم قرأ: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ .
قال: حدثنا إبراهيم بن علي قال: حدثنا الخليل بن محمد قال: حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا عبد المؤمن بن أبي شراعة قال: سمعت جابر بن زيد رحمه الله تعالى يقول: إن ملك الموت عليه السلام كان يتوفى بني آدم بغير أوجاع، وإن الناس سبوا ملك الموت وآذوه فاشتكى إلى ربه ما يلقى من الناس فقيل له: يا ملك الموت ارجع قال: ووضع الله عز وجل الأوجاع فنسي ملك الموت عليه السلام ويقال: لم مات فلان.
قال: حدثنا علي بن رستم قال: حدثنا عبد الله بن عمر قال: حدثنا ابن سنان قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح قال: أخبرني أبو صخرة عن محمد بن كعب القرظي رحمه الله تعالى قال: إذا استنقعت نفس المؤمن جاءه ملك الموت عليه السلام فقال: السلام عليك يا ولي الله الله يقرأ عليك السلام ثم نزع بهذه الآية: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ .
قال: حدثنا عبد الله بن سلم قال: حدثنا محمد بن أحمد الحسني عن محمد بن إبراهيم بن العلاء قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثني عبد الصمد عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى: ثم قال: كن؛ فكون عزرائيل عليه السلام ثم قال: كن؛ فكون كبشا أملح مستترا بسواد وبياض له أربعة أجنحة: جناح تحت العرش وجناح في ثرى الثرى وجناح في المشرق وجناح في مغرب المغرب، له في كل جناح سبعون ألف جناح، وفي كل جناح سبعون ألف ريشة في كل ريشة سبعون ألف شعبة في كل شعبة سبعون ألف زغبة وسبعون ألف شعرة، في كل شعرة سبعون ألف كأس لأحباء الله عز وجل، وسبعون ألف كأس لعدو الله عز وجل، فذلك قوله عز وجل: فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ وهو عدو الله.
ثم قال: للموت ابرز فبرز الموت لعزرائيل فذلك قول الله عز وجل: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ فهؤلاء الأربعة الأملاك جبريل وميكائيل وإسرافيل و ملك الموت عليهم السلام؛ أول من خلقهم الله عز وجل من الخلق وآخر من يميتهم الله وأول من يحييهم، وهم المدبرات أمرا والمقسمات أمرا.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم قال: حدثنا حمدون بن عباد قال: حدثنا علي بن عاصم قال: حدثنا داود بن أبي هند رحمه الله تعالى قال: بلغني أنه كان لداود صديق من بني إسرائيل فكان داود عليه السلام معجبا به فكان مجلسه وحديثه للرجل حتى غبطه بنو إسرائيل قال: فلما مات داود عليه السلام وولي سليمان عليهما السلام قال في نفسه: من اصطنع من بني إسرائيل في مجلسي وحديثي؟ قال: ما أعلم أحدا أحق بذلك من هذا الشيخ أن يناجي الذي توفى رسول الله داود صلى الله على نبينا وعليه وسلم وهو عنه راض قال: فاتخذه لنفسه.
قال: وكان سليمان عليه السلام مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأله عنه قال: فأدنى مجلس الشيخ حتى كان هو الذي يلي سريره فربما قعد سليمان عليه السلام على سريره قال: فيسند الشيخ ظهره إلى سرير سليمان عليه السلام قال: حتى غبطه جنود سليمان عليه السلام فقيل له: ادخل عليه كل يوم دخلة يسأله عن حاجته ثم لا يبرح حتى يقضيها له قال: وكان سليمان عليه السلام إذا قعد على سريره وأذن لجنوده فدخلوا عليه دخل عليه ملك الموت صلى الله على نبينا وعليه وسلم عليهما في صورة رجل فيسأله كيف هو؟ ثم يقول له: يا رسول الله ألك حاجة؟ فإن قال: نعم لن يبرح حتى يقضيها له وإن قال: لا انصرف عنه إلى الغد.
قال: فقعد سليمان عليه السلام يوما أشد ما كان بملكه قال: وقعد الشيخ إليه فأسند ظهره إلى سرير سليمان وأذن لجنوده فدخلوا عليه من الإنس والجن وسواهم فجعلوا ينظرون إلى الشيخ مسندا ظهره إلى سرير سليمان فيغبطونه فدخل عليه ملك الموت عليه السلام في صورة رجل فقام فسلم فقال سليمان عليه السلام: كيف بات في ليلته الماضية ثم قال: ألك حاجة يا رسول الله؟ قال: لا قال: ولحظ إلى الشيخ لحظة فارتعد الشيخ قال: وانصرف ملك الموت عنهم قال: فوثب الشيخ على رجلي سليمان فأخذهما وجعل يقبلهما فقال: يا رسول الله كيف كان رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم داود عني قال: حسن قال: فكيف رضاك عني قال: حسن قال: فإني أسألك بحق الله أن تأمر الريح فتحملني فتقذفني بأقصى مدرة من أرض الهند قال: وهو يرتعد في ذلك.
قال: قال سليمان: ولم؟ قال: هو ذلك أسألك بحق الله إلا ما أمرت الريح فتحملني فتلقيني بأقصى مدرة من أرض الهند قال: قال سليمان: نعم فأخبرني لم ذلك قال: ألم تر إلى الرجل الذي دخل عليك قام فسلم ثم سألك كيف بت في ليلتك الخالية؟ لحظ إلي لحظة فما تمالكت رعدة فقال له سليمان عليه السلام هل إلا رجل نظر إليك قال: هو ما أقول لك فدعا سليمان عليه السلام الريح فقال: احتمليه فألقيه بأقصى مدرة من أرض الهند فاحتملته فصعدت به ثم تصوبت به فألقته بأقصى مدرة من أرض الهند.
قال: قول الله عز وجل: رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ قال: ليس باللينة ولا بالعاصفة وسط غدوها شهر ورواحها شهر فإذا أراد غير ذلك كان ما أراد، وظن سليمان عليه السلام يومه ذلك بأشر يوم. قال: وبات ليلته بأشد ليلة حزنا عليه فلما أصبح سليمان عليه السلام غدا قبل مجلسه الذي كان يجلس فيه وأذن لجنوده فدخل عليه ملك الموت صلى الله عليهما في صورة رجل فسلم فسأله كيف بات في ليلته الماضية فأخبره قال: يا رسول الله ألك حاجة؟ قال سليمان عليه السلام: الحاجة غدت بي إلى هذا المكان فذهب يخبره رضا داود عن الشيخ ورضاه عنه واستئناسه به.
ثم قال: كان ما كان به قال: يقول له ملك الموت حسبك يا رسول الله ما ينقضي عجبي منه هبط إلي كتابه أمس أن أقبض روحه غدا مع طلوع الفجر بأقصى مدرة بأرض الهند فهبطت به، وما أحسبه إلا ثم فدخلت عليك فإذا هو قاعد معك، فجعلت أتعجب وأنظر إليه ما لي هم غيره فهبطت عليه اليوم والذي بعثك بالحق مع طلوع الفجر فوجدته بأقصى مدرة من أرض الهند ينتفض فقبضت روحه وتركت جسده هناك.
قال: حدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن عبيد قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا داود بن المحبر قال: حدثنا الحسن بن دينار قال: سمعت الحسن رحمه الله تعالى يقول: ما من يوم إلا و ملك الموت عليه السلام يتصفح في كل بيت ثلاث مرات فمن وجده منهم قد استوفى رزقه وانقضى أجله، قبض روحه فإذا قبض روحه أقبل أهله برنة وبكاء فيأخذ ملك الموت بعضادتي الباب فيقول: ما لي إليكم من ذنب، وإني لمأمور والله ما أكلت له رزقا ولا أفنيت له عمرا ولا انتقصت له أجلا وإن لي فيكم لعودة ثم عودة حتى لا أبقي منكم أحدا.
قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني قال: حدثنا أبو يوسف القاضي قال: حدثنا مطرف عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا قال: تلتقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات في المنام فيتعارفون ويتساءلون ثم ترد أرواح الأحياء إلى أجسادها لا تخطئ بشيء منها وذلك قول الله عز وجل: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا حكام عن عنبسة عن أشعث قال: سأل إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما ملك الموت عليه السلام واسمه عزرائيل وله عينان عين في وجهه وعين في قفاه فقال: يا ملك الموت ما تصنع إذا كانت نفس بالمشرق ونفس بالمغرب ووقع الوباء بأرض والتقى الزحفان كيف تصنع؟ قال: أدعو الأرواح بإذن الله عز وجل فتكون بين أصبعي هاتين قال: ودحيت له الأرض فتركت مثل الطست يتناول منها حيث شاء قال: وهو الذي بشره بأنه خليل الله عز وجل.
قال: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا داود بن عمرو الضبي قال: حدثنا معتمر عن أبيه عن شهر بن حوشب رحمه الله تعالى قال: ملك الموت صلى الله عليه وسلم جالس والدنيا بين ركبتيه واللوح الذي فيه آجال بني آدم في يديه وبين يديه ملائكة قيام وهو يعرض اللوح لا يطرف فإذا أتى على أجل عبد قال: اقبضوا هذا اقبضوا هذا.
قال: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد الله عن موسى بن داود عن أبي معشر عن زيد بن أسلم رحمه الله تعالى قال: يتصفح ملك الموت عليه السلام المنازل في كل يوم خمس مرات ويطلع في وجه ابن آدم كل يوم اطلاعة قال: فمنها الرعدة التي تصيب الناس يعني القشعريرة والانقباض.
قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس قال: سمعت ابن جريج رحمه الله تعالى يقول: بلغنا أنه يقال لملك الموت عليه السلام: اقبض فلانا في وقت كذا في وقت كذا في بلد كذا في يوم كذا فيجيء الموت أسرع من اللمح.


هكذا وردت هذه الصفات في أحد الملائكة وهو ملك الموت ذكره الله تعالى في قوله: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ والتوفي: القبض. أخبر بأن ملك الموت يقبض الأرواح كما يشاء الله يقبض أرواح البشر, وأن جميع الخلق الذين هم من البشر كلهم تحت قبضته، يعني: تحت قدرته في أنه يقدر أن يقبض هذا وهذا في آن واحد كما يشاء الله تعالى.
ورد في بعض الروايات تسميته عزرائيل ولكن الرواية ما ثبتت بذلك, يعني في اسمه، ولكن الله تعالى ذكر أنه ملك قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ وقد ذكر أيضا ملائكة أخرى في قوله تعالى: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ولكن الأصل أن ملك الموت هو الذي يقبض الأرواح وأن بقية الملائكة أعوان له يأخذون كل روح فيجعلونها في الأكفان وفي الحنوط, ويرفعونها إلى السماء.. إلى آخر ما ورد في صفتهم.
هكذا أيضا أسند الله تعالى التوفي إلى نفسه فقال تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وذلك لأنه سبحانه هو الذي يقبض الأرواح كما يشاء، وقد وَكَّلَ هذا الملك يقبضها بأمره, فالْمُتَوَفِّي حقيقة والذي يقبض الأرواح هو الرب تعالى لأنه الذي خلقها, وهو الذي يقبضها إذا شاء، وإنما الملائكة مُوَكَّلُون بأمر الله تعالى, يتصرفون كما يشاء، وإن ملك الموت هو الذي يتولى قبضها، وقد سمعنا في هذه الآثار أن الأرض زويت لملك الموت ومعنى أنها قرب أقصاها له كما قرب أدناها..
العدد الكثير في آن واحد, ولا يصعب ذلك عليه؛ حيث أن الله قرب له البعيد, وجعله كله تحت قدرته, في أقصى الأرض أو في أدناها, إذا قدر موت اثنين أحدهما في المشرق، والآخر في المغرب، بينهما مسافات عظيمة تقبض روحهما في لحظة, في دقيقة واحدة! بل قد يقبض في الثانية ألوفا أو عشرات الألوف في أطراف الأرض في لحظة واحدة, فيستغرب: كيف مَلَكٌ واحد يقبض هؤلاء كلهم في لحظة واحدة؟
والجواب: أن الله تعالى أعطاه قدرة على ذلك, وأنه قَرَّبَ له البعيد, مثلت الأرض كلها أمامه كالقصعة فيها الطعام أمام الآكل, يأكل من أي أطرافها شاء، فكذلك هذا الملك بأمر الله تعالى.
والجان أرواح أيضا, خلقوا من مارج من نار، كما ورد ذلك في القرآن: وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ خلقوا من مارج, أي: من لهب النار, وإذا قيل: إذا خلقوا من النار, فكيف يُعَذَّبون في النار في الدار الآخرة؟ فيقال: .... في الدنيا أنهم لا يتألمون من نار الدنيا؛ فلذلك, وذلك لأنهم خلقوا من جنسها.
وأما نار الآخرة فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بشدة لهبها بقوله: ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم, قالوا: يا رسول الله! إن كانت لكافيةً! فقال: فضلت عليها بتسعة وستين جزءا, كُلُّهُنَّ مثل حرها وإذا كان كذلك, فلا بد أنهم إذا أدخلوا النار يتألمون, وأنهم يلاقون العذاب, وإلا لما كان هناك عذاب يُحِسُّون به إذا كانت أجسادهم نارية, أو ذواتهم نارية.