اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
175156 مشاهدة print word pdf
line-top
الشياطين وطبيعة خلقتهم

...............................................................................


وهكذا -أيضًا- يتحقق أن هناك قسما ثالثا, وهم: إبليس وجنوده, وذريته الشياطين الذين هم ذرية إبليس، قال الله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ هكذا أخبر بأنه امتنع من السجود، ثم قال: كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ دل على أن له ذرية, ذريته هم الشياطين الأبالسة.
نحن -أيضًا- نتحقق وجود هؤلاء الأبالسة؛ الذين هم ذرية إبليس, وأنهم يتسلطون على نوع الإنسان, فَيُغْوون كل إنسان يقدرون على إغوائه, ويوقعونه في الذنوب والمعاصي وفي الكفر, ويوسوسون في صدور الناس, كما أُمر بالاستعاذة منهم: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ .
ونتحقق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من تسلطهم على نوع الإنسان, وأنهم ينفذون في داخل جسده, يقول صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم هكذا أخبر أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. الإنسان لا يكون منه جزء إلا وفيه دم, إذا جرح رأس إصبعه وجد فيه دم, وإذا جرح كفه وجد الدم, وإذا جرح ذراعه أو عضده أو ساقه أو قدمه أي: أن جميع اللحم يجري فيه الدم, أي: أن الشيطان ينفذ في مسام الإنسان, في جسده كله, ويسري في جسده حتى يصل إلى قلبه ويوسوس له؛ ومع ذلك لا يحس به الإنسان, ولا يشعر بنفوذه فيه؛ ولكن له قدرة, وله تمكن من نفوذه في جسد الإنسان إلى أن يصل إلى قلبه ويُذَكِّره، ويقول له: افعل له كذا.., اذكر كذا وكذا. فنصدق بذلك, ونجزم بصحة ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولو كنا لا نشعر بذلك عيانًا, ولا نرى هؤلاء الشياطين.
فهذه أقسام ثلاثة -حجب الله تعالى صورهم عن أنظارنا, لا ندرك كيفيتهم- الملائكة, والجن, والشياطين. وكذلك هناك نوع رابع: وهو روح الإنسان.

line-bottom