شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
108224 مشاهدة
عدد السماوات

...............................................................................


أخبر تعالى في آيات كثيرة أنه خلقها سبعا؛ سبع سماوات قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا هكذا أخبر بأنه خلق سبع سماوات طباقا، يعني: طبقة بعد طبقة, وسماء فوق سماء, وأنه جعل القمر فيهن نورا؛ نورا فيهن, وجعل الشمس سراجا يعني: مضيئا, وكذلك قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ هل ترى فطورا, أو ترى شقوقا أو خللا في خلق هذه المخلوقات؟ لا ترى فيها تفاوتا, ولا ترى فيها نقصا, ولا ترى فيها خللا, ولو رجعت البصر مرة بعد مرة فإن البصر مع تحديقه وتقليبه يرجع إلى صاحبه كليلا خاسئا، يعني: حسيرا, لم يجد عيبا ولم يجد خللا.
ثم قد أخبر الله تعالى في هذه الآيات بأن السماوات سبع، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالمسافات التي بينهن, وبكثف كل سماء, فورد أنه قال: ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة أي: من الأرض إلى السماء، ثم كثف السماء الدنيا، يعني: غلظها خمسمائة سنة, ثم ما بينها وبين السماء الثانية مسيرة خمسمائة سنة, وكثف السماء الثانية كذلك، وما بين السماء الثانية والثالثة كذلك, كل سماء غلظها خمسمائة سنة, والمسافة بينها وبين التي فوقها خمسمائة سنة إلى السماء السابعة. ذكر أن فوق السماء السابعة بحر من أعلاه إلى أسفله كما بين سماء إلى سماء في بعض الأحاديث أن فوق ذلك ثمانية أوعال ما بين أظلافهن وركبهن كما ما بين سماء إلى سماء، وهم حملة العرش، ذكر أنهم على خلقة أوعال؛ مع أن خلقهم لا يقدر قدره إلا الله.