إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
175680 مشاهدة print word pdf
line-top
اختلاف العلماء في مقر الأرواح

...............................................................................


وقد اختلف العلماء وغيرهم في مقر الأرواح في هذه الدنيا, إذا قيل: إن الأرواح بعد خروجها من الأجساد موجودة لم تَفْنَ، فأين مقر الأرواح؟ وأوردوا في ذلك كلاما كثيرا, ورؤى وحلوما وآثارا, وكلها ظنية. فمنهم مَنْ يقول: إن أرواح الكفار في بئر برهوت بئر يقولون: إنها في بلاد حضرموت تجمع فيها أرواح الكفار كلهم, كلما خرجت روح ذهبت إلى تلك البلد, أي: إلى تلك البئر.
هكذا ذُكِرَ في كثير من الآثار، ولكن لم يكن هناك ما يُعْتَمُد عليه إلا مجرد أحلام، ومعلوم أن الأرواح التي تقبض في الساعة الواحدة في الدنيا كلها أرواح الكفار قد تكون ألوفا وألوف الألوف وأن الأرواح لا بد أنها تتميز.
ثم قالوا: إن أرواح المؤمنين مقرها بئر زمزم يعني: أنها تستقر في تلك البئر, معلوم أيضا أن البئر محصورة, وأنها لا تتسع لهذه الأرواح مع كثرتها.
ولكن الجواب أن نقول: الله أعلم أين مستقرها, سواء قيل: إنها في الدنيا, أو أن هذه في النار, وهذه في الجنة, أو أن هذه في الهواء، وهذه في السماء, أو ما أشبه ذلك. ورد أيضا أن الأرواح تتعارف في البرزخ، وأنه إذا قبضت روح الإنسان ثم عرضت على أرواح الآخرين تعارفوا، فأرواح المؤمنين تجتمع فيسألون مَنْ جاءهم: أين فلان؟ ما فعل فلان؟
فإذا قال: إنه قد مات -وهم الأرواح المؤمنة- قالوا: ما جاءنا.. ذُهِبَ به إلى أمه الهاوية, فبئست الأم, وبئست المربية! ومعلوم أن الهاوية اسم من أسماء النار فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ فيفهم من هذا أن أرواح الكفار تلقى في النار كما يشاء الله، وأن أرواح المؤمنين تكون في الجنة أو في جنة في الدنيا، وكل ذلك من علم الغيب الذي لم يُطْلِعِ الله تعالى عليه بشرا.

line-bottom