إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
172028 مشاهدة print word pdf
line-top
صفة خلق الملائكة وخلق الجن

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كل ما أخبروا به ولم يشاهدوه, ومن ذلك أركان الإيمان الستة: أن تؤمن بالله, وملائكته, الإيمان بالملائكة، وإن كنا لم نرهم, ولا نتمكن من رؤيتهم. ذكرهم في القرآن وذكر بعضا من صفاتهم, وذكروا في الأحاديث، ووردت صفات لهم في الأحاديث الصحيحة, وفي أحاديث حسنة, وأحاديث ضعيفة, والعمدة على الآيات, وعلى الأحاديث الصحيحة, أو الحسنة.
فمن ذلك: صفة خلقهم, أو من أي شيء خلقوا؟ ففي الحديث الصحيح خلقت الملائكة من نور, وخلق الجان من مارج من نار, وخلق آدم مما وصف لكم ميز في هذا الحديث بين خلق الملائكة, وخلق الجن. وقد ذكر الله تعالى خلق الجن في القرآن, قال تعالى: وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ وقال: وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ فالجان خلقوا من نار، وهكذا أيضا خلق إبليس من النار؛ كما ذكر الله ذلك عنه باعترافه, فقال تعالى عن إبليس: خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فدل على أن إبليس والشياطين خلقوا أيضا من النار, كما خلق الجان من النار، أما الملائكة فخلقوا من النور, النور هو الضياء اللامع يضيء ما حوله بإضاءته وسطوعه واستنارته .. كما هو معروف.
وقد سمى الله تعالى القمر نورا, والشمس ضياء, فالقمر ينير في الليالي المظلمة، وهكذا الإنارة أيضا بالوسائل القديمة, كالإضاءة بالشمع, أو ما يوقد من الزيت, أو نحوه، وكذلك الأنوار الجديدة, وإن الله تعالى خلق الملائكة من النور، وقد ذُكِرَ في وصف الله تعالى أنه نور, قال تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ إلى آخر الآية، أخبر تعالى بأنه نور السماوات والأرض، أي: نورها من نوره, وأخبر بأن الذي ليس له نور فإنه في ظلمة في قوله: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ فالنور قد يكون نورا حسيا أو معنويا, النور الحسي: هو ما يضيء في الليلة الظلماء، والنور المعنوي: هو ما يستنار به في الطرق التي يسار عليها, طرقا معنوية.
وكذلك ذكر الله تعالى أن الإيمان نور، وأن الكفر ظلمات، وأن الإيمان نور وضياء، أي: من الجهل إلى العلم، فالجهل ظلمة, والعلم نور يخرجهم من الكفر إلى الإيمان الله تعالى بهذه الأنوار. وكذلك: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: هل رأيت ربك؟ فقال: نُورٌ أَنَّى أراه؟! أي: كيف أراه؟ وهو احتجب بهذه الأنوار؟ نور أنى أراه وفي رواية: رأيت نورا فخلق الملائكة من هذا النور, أي: من جنس النور.
كذلك أيضا خلق الشياطين من النار, أي: من جنس النار التي يعرفها الناس, ويوقدونها أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ .

line-bottom