لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
108345 مشاهدة
كيف يعذب الجن والشياطين بالنار وقد خلقوا منها

...............................................................................


وقد أورد بعض الملاحدة شبهة، وقال: إذا كان الشيطان خلق من النار فكيف يعذب بالنار؟ وكذلك الجن إذا خلقوا من النار, كيف يُعَذَّبُون بها؟ وكيف تحرقهم وهي مادتهم التي خلقوا منها؟
فقال أيضا: الإنسان خلق من الطين, ولو ضرب بلبنة طين لتعذب وتأذى, فالله تعالى يعذبه بنار تحرقه, ولو كان مخلوقا من جنس النار، وكذلك الجن مخلوقون أيضا من النار, وفي الآخرة يعذبون بنار تحرقهم, ولو لم تكن النار التي خلقوا منها, والتي لا يتألمون منها، وذلك لأنه يشاهد, أو يحكى كثيرا أن المصروعين الذين تلابسهم الجن لا يتأثرون بحرارة النار، وذلك لأنهم خلقوا منها, ولكن نار الآخرة ليست من جنس نار الدنيا.
ورد في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنم قالوا: يا رسول الله إن كانت لكافية فقال: فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها معلوم أن نار الدنيا تحرق ما يوضع فيها, حتى الحديد يذوب فيها, فإذا فضلت بتسعة وستين جزءا تضاعف حرها, واشتد حرها، فيكون الذين يعذبون بها، ولو كانوا خلقوا منها لا بد أنهم يتألمون, ولا بد أنهم يحترقون فيها, كما يحترق مَنْ دخلها ممن كفر وعصى من الإنس.
نؤمن بأن الله تعالى خلق الملائكة من النور, ونؤمن أيضا بأن لهم القدرة على أن يتمثلوا بصور تناسبهم, وإن كنا لا نراهم على هيئتهم التي خلقوا عليها، كما ينزل الملك -ملك الوحي- ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد يبصره.
وكذلك أيضا قد يتمثل بصورة إنسان يبصرونه, ولكن لا يكون ذلك الإنسان, فيتمثل بصورة رجل يقال له: دحية بن خليفة الكلبي ويعتقدون أنه هو، وإذا هو الْمَلَك, وتمثل مرة بصورة رجل شديد بياض الثياب, شديد سواد الشعر, وسأل النبي صلى الله عليه وسلم وهم يسمعون, ثم اختفى ولم يَرَوْا له أثرا، وذلك دليل على ما منح الله تعالى الملائكة من التمثل والتشكل بما يشاءون من الصور, من صور البشر, أو صور الملائكة, أو غيرهم.
كما أن الجن أيضا أرواح لا نراهم، وكذلك الشياطين أرواح أو أجسام خفيفة يخرقها البصر, كما في قول الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ قبيله: يعني ما يشابهه, يعني: الجن والملائكة يرونكم من حيث لا ترونهم، تخرقهم أبصارنا؛ لأنهم أرواح خفيفة، هكذا خلقهم الله تعالى. أو لهم أجساد ليس لها ثقل, وليس لها أجرام.