الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
108368 مشاهدة
آثار الرياء السيئة

وكذلك وَرَدَ في الحديث القدسي أن الله تعالى يقول: أنا أغنى الشركاء عن الشِّرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشِرْكَهُ وأن الله تعالى يقول للذين يُراءون بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون فانظروا هل تجدون عندهم من ثواب أعمالكم شيئا؟ الذين تُراءونهم؛ المرائي يصلي لأن يراه الناس ويمدحونه، يتصدق لأن يروه فيمدحونه, ويثنون عليه، أو يقرأ ويرفع صوته ويُحَسِّن صوته حتى يثنى عليه ويمدح, ويقال فلانا القارئ, وفلانا المصيب في قراءته وما أشبه ذلك! وهكذا يقال في بقية الأعمال- مسموعة أو مرئية- فإنَّ مَنْ سَمَّع بقراءته, أو بذكره, أو بدعائه سَمَّعَ الله به, يعني: فضحه, ونَشَرَ له سمعة سيئة، ومَنْ راءى بصلاته وبصدقته وبِحَجِّه وبجهاده -وما أشبه ذلك- راءى الله به, يعني: فضحه, وكشف ستر عمله الذي ما أراد به وجه الله.
فهذا بيان أن الرياء يحبط الأعمال ، وكذلك مَنْ أراد بأعماله مصالح دنيوية, يعني: قصد بهذا العمل مصلحة دنيوية, مثلا: قصد بجهاده المغنم؛ أي يجاهد لأجل المغنم، أو يجاهد لأجل الرزق الذي يُدفع له؛ فعمله دنيوي، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، وأما إذا قاتل للمغنم، أو قاتل ليرى مكانه، أو قاتل حمية أو عصبية فإن جهاده لما جاهد له، وهكذا من هاجر من بلد إلى بلد كانت هجرته لدنيا يصيبها ومكاسب يحصل عليها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه أي: إلى ذلك الشيء الذي هاجر إليه ليس له أجر.
ومن هذا نعرف أن العمل لا بد أن يكون خالصا ليس فيه رياء، ولا إرادة للمصالح الدنيوية؛ ولهذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل عمل المجاهد الذي يجاهد ليقال جريء، والذي ينفق ماله ليقال جواد، والذي يقرأ ليقال قارئ، وجعل هؤلاء من أهل العذاب، وكذلك توعّد مَنْ يتعبد لأجل المصالح الدنيوية بقوله: تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة يعني: عبدها؛ لأنه يحب لها ويبغض، ويوالي لها ويعادي، ويعطي لها ويمنع.