الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
107428 مشاهدة
ذكر خلق الملائكة ووظيفتهم

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: قال: حدثنا أبو العباس الهروي قال: حدثنا محمد بن عبدة بن سليمان قال: حدثني أبي عن محمد بن إسحاق عن الفضل بن عيسى عن عمه يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم: يقول أمرت أن أحدث عن ملك في السماء ما بين عاتقه إلى منتهى رأسه كطيران ملك سبعمائة عام. وما يدري أين ربه فسبحانه .
قال: حدثنا أحمد بن روح البغدادي قال: حدثنا محمد بن إدريس قال: حدثنا عبد الله بن محمد الطرسوسي قال: حدثنا سفيان عن ابن المبارك عن ابن جريج رحمه الله تعالى قال: ملكان أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات وملك عن يساره يكتب السيئات فالذي عن يمينه يكتب بغير شهادة من صاحبه والذي عن يساره لا يكتب إلا عن شهادة من صاحبه. إن قعد فأحدهما عن يمينه والآخر عن يساره. إن مشى فأحدهما أمامه والآخر خلفه. وإن رقد فأحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه.
وقال: ابن المبارك رحمه الله تعالى: وكل به خمسة أملاك ملكان بالليل وملكان بالنهار يجيئان ويذهبان وملك خامس لا يفارقه ليلا ولا نهارا.
قال: حدثنا أحمد بن روح قال: حدثني أحمد بن موفق مولى بني هاشم قال: حدثنا خلف بن الوليد قال: حدثنا ابن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة يصعدون بعمل العبد من عباد الله يكثرونه ويبركونه حتى ينتهوا به حيث شاء الله من سلطانه. فيوحي الله عز وجل إليهم: إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه. إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله، اجعلوه في سجين. قال: ويصعدون بعمل عبد من عباد الله عز وجل فيستقلونه حتى ينتهوا به حيث شاء الله من سلطانه. فيوحي الله عز وجل إليهم: إنكم حفظة وأنا رقيب على ما في نفسه فضاعفوه له واجعلوه في عليين .
قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا العباس النرسي قال: حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة رحمه الله تعالى وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ يقول: حفظة يا ابن آدم يحفظون عليك رزقك وعملك وأجلك. إذا توفيت ذلك قبضت إلى ربك عز وجل.
قال: حدثنا إسحاق بن أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن يونس قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن حجاج بن دينار قال: قلت لأبي معشر الرجل يذكر الله في نفسه كيف تكتبه الملائكة؟ قال: يجدون الريح.
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا الحسن بن الربيع قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا حرب بن سريج قال: حدثتنا زينب بنت يزيد العتكية قالت: كنا عند عائشة رضي الله عنها فجاء رهط من أهل الشام فيهم شهر بن حوشب فذكروا الصلاة ومواقيتها، فقال: إني أحب أن أتخذ ديكا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن لله تبارك وتعالى ديكا رجلاه تحت سبع أرضين ورأسه قد جاوز سبع سماوات يسقع في إبان الصلوات فلا يبقى ديك من ديكة الأرض إلا أجابه فلا أحب أن يعدم بيتي أن أتخذ الديك .
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا الفضل بن سهل قال: حدثنا إسحاق بن منصور السلولي قال: حدثنا إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض ورأسه مثنية تحت العرش، وهو يقول: سبحانك ما أعظمك ربنا. فيرد عليه: ما يعلم ذلك من حلف بي كاذبا .
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا عيسى بن يونس الرملي قال: حدثنا أيوب بن سويد عن إدريس يعني الأودي عن عمرو بن مرة عن سالم عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تبارك وتعالى ديكا براثنه في الأرض السفلى وعنقه مثني تحت العرش وجناحاه في الهواء يخفق بهما سحر كل ليلة سبحوا القدوس ربنا الرحمن لا إله غيره .
قال: حدثنا أحمد بن روح قال: حدثني محمد بن عبد الله الطرسوسي قال: حدثنا عثمان بن النضر المدني عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن لله تبارك وتعالى ديكا في السماء الدنيا كلكله من ذهبة صفراء وبطنه من فضة بيضاء وقوائمه من ياقوتة حمراء وبراثنه من زمرد أخضر. براثنه تحت الأرضين السفلى جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب عنقه تحت العرش وعرفه من نور حجاب ما بين العرش والكرسي يخفق بجناحه كل ليلة ثلاث مرات.
قال: حدثنا أحمد بن روح قال: حدثنا محمد بن داود و علي بن داود القنطريان قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني رشدين بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن يزيد بن أبي حبيب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله عز وجل ديكا جناحاه موشيان بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت، جناح له في المشرق وجناح له بالمغرب، وقوائمه في الأرض السفلى ورأسه مثني تحت العرش. فإذا كان في السحر الأعلى خفق بجناحه ثم قال: سبوح قدوس ربنا الله لا إله غيره، فعند ذلك تضرب الديكة أجنحتها وتصيح. فإذا كان يوم القيامة قال الله تبارك وتعالى: ضم جناحك وغض صوتك فيعلم أهل السماوات والأرض أن الساعة قد اقتربت .
قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة بن الفضل قال: حدثني ابن إسحاق عن منصور بن المعتمر عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس رضي الله عنهما رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن مما خلق الله تعالى ديكا براثنه على الأرض السابعة وعرفه منطو تحت العرش قد أحاط جناحه بالأفقين. فإذا بقي ثلث الليل الآخر ضرب بجناحه ثم قال: سبحوا الملك القدوس سبحان ربنا الملك القدوس لا إله لنا غيره. يسمعها من بين الخافقين إلا الثقلين فيرون أن الديكة إنما تضرب بأجنحتها وتصرخ إذا سمعت ذلك الديك .
قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر قراءة قال: حدثنا أبو قتيبة قال: حدثنا أبو خلدة عن ابن صادق رحمه الله تعالى قال: الديكة تجاوب الملائكة بالتسبيح هل رأيتم طيرا يصيح بالليل.
قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر قال: حدثنا يوسف بن مهران قال: حدثنا عبد الرحمن رجل من أهل الكوفة قال: بلغني أن تحت العرش ملكا في صورة ديك براثنه من لؤلؤة ناصيته من زبرجد أخضر. فإذا مضى ثلث الليل الأول ضرب بجناحه وزقا وقال: ليقم القائمون. فإذا مضى نصف الليل ضرب بجناحه وزقا وقال: ليقم المجتهدون. فإذا مضى ثلثا الليل ضرب بجناحه وزقا وقال: ليقم المصلون. فإذا طلع الفجر ضرب بجناحه وزقا وقال: ليقم النائمون وعليهم أوزارهم.
قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير عن حصين عن مجاهد عن ابن أبي عمرة رحمه الله تعالى قال: حين يقول الملك: سبحوا القدوس فحينئذ تحرك الطير أجنحتها.
قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا علي بن بشر قال: حدثنا عبد الرحيم عن حماد بن عمرو قال: حدثنا عبد الحميد بن يوسف -رحمه الله تعالى- قال: صاح ديك عند سليمان عليه السلام، فقال: سليمان عليه السلام: هل تدرون ما يقول هذا؟ قالوا: لا، قال: فإنه يقول: اذكروا الله يا غافلين.
قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا سلمة فيما أحسب قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا أبو بكر بن أبي مريم قال: قال: حدثنا أبو سفيان رحمه الله تعالى قال: إن لله تعالى ملكا في السماء يقال له: الديك. فإذا سبح في السماء سبحت الديوك في الأرض. يقول: سبحان الله السبوح القدوس الرحمن الملك الديان الذي لا إله إلا هو. فما قالها مكروب أو مريض عند ذلك إلا كشف الله همه.
قال: حدثنا الوليد بن أبان قال: حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني قال: حدثنا إسحاق الفروي قال: حدثنا عبد الملك بن قدامة الجمحي عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء والصلاة قائمة ونفر ثلاثة جلوس أحدهم أبو جحش الليثي فقال: قوموا فصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام اثنان وأبى أبو جحش أن يقوم معه. فقال له عمر رضي الله عنه: قم فصل يا أبا جحش مع النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: لا أقوم حتى يأتيني رجل هو أقوى مني ذراعين وأشد مني بطشا فيصرعني ثم يدس وجهي في التراب.
قال عمر رضي الله تعالى عنه: فقمت إليه وكنت أشد منه ذراعين وأقوى بطشا فصرعته ثم دسست وجهه في التراب. فأتى عليَّ عثمان رضي الله عنه فجرني عنه. فخرج مغضبا حتى انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى الغضب في وجهه قال: ما أرى بك يا أبا حفص ؟ فأخبره عمر رضي الله تعالى عنه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لوددت أنك كنت أتيتني برأس الخبيث فقال عمر رضي الله عنه: .. توجه. فلما قام ناداه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اجلس أخبرك بأمر يغنينا الرب عن صلاة أبي جحش إن لله تبارك وتعالى في سمائه ملائكة خشوع لا يرفعون رؤوسهم حتى تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة رفعوا رؤوسهم ثم قالوا: ربنا ما عبدناك حق عبادتك، وإن لله عز وجل في سمائه الثانية ملائكة سجود لا يرفعون رؤوسهم حتى تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة رفعوا رؤوسهم وقالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، وإن لله عز وجل في سمائه الثالثة ملائكة ركوعا لا يرفعون رؤوسهم حتى تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة رفعوا رؤوسهم وقالوا: ما عبدناك حق عبادتك فقال عمر رضي الله عنه: وما يقولون يا رسول الله؟ قال: أما أهل السماء الدنيا فيقولون: سبحان ذي الملك والملكوت. وأما أهل السماء الثانية فيقولون: سبحان ذي العزة والجبروت. وأما أهل السماء الثالثة فيقولون: سبحان الحي الذي لا يموت .
قال: حدثنا الوليد قال: حدثني الحسن بن أحمد بن الليث قال: حدثنا عصمة النيسابوري قال: حدثنا زيد بن الحباب عن محمد بن مسلم عن لوط بن أبي لوط رحمه الله تعالى قال: بلغني أن تسبيح أهل سماء الدنيا سبحان ربنا الأعلى. والثانية: سبحانه وتعالى. والثالثة: سبحانه وبحمده. والرابعة: سبحانه لا حول ولا قوة إلا بالله. والخامسة: سبحانه محيي الموتى وهو على كل شيء قدير. والسادسة: سبحان الملك القدوس. والسابعة: سبحان الذي ملأ السماوات السبع والأرضين السبع عزه ووقاره.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن عبدة بنت خالد بن معدان عن أبيها قال: إن لله تعالى ملائكة صفوفا.
يقول أولهم: سبحان الملك ذي الملك. ويقول الذي يليه: سبحان ذي العز والجبروت. ويقول الذي يليه: سبحان الحي الذي لا يموت. ويقول الذي يليه: سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت. فمنهم صفوف وملائكة مصفوفة بعضها إلى بعض ترعد فرائصهم من خشية الله عز وجل ما نظر واحد منهم إلى وجه صاحبه ولا ينظر إليه إلى يوم القيامة.
قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم المصاحفي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثني قتيبة قال: حدثنا ليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نبيه بن وهب أن كعب الأحبار رحمه الله تعالى قال: ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألف ملك من الملائكة يحفون بالقبر يضربون بأجنحتهم، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم فصنعوا مثل ذلك. حتى إذا انشقت الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة يوقرونه صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.


قد علمنا أن الملائكة جند من جنود الله تعالى كما في قوله : وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ وأنه لا يحصي عددهم إلا الله وأنهم ينزلون بأمر الله كما يشاء الله في أي وقت يشاؤه.