إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
108322 مشاهدة
عظمة المخلوقات دليل على عظمة من خلقها وعجز الخلق أمام عظمة الرب

...............................................................................


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين في حديث أركان الإيمان المشهور قول النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره جعل من أركان الإيمان الإيمان بالملائكة فهو ركن من أركان الإيمان الستة، وجاءت الأحاديث في صفة خلق الملائكة وعظم خلقهم وكثرتهم وعبادتهم وما أشبه ذلك.

ولا شك أن ذلك مما يدل على عظمة الله تعالى الذي خلقهم على هذه الخلقة. فمن آياته سبحانه خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة أي: من الآيات التي نَصَبها لعباده؛ ليستدل بها العباد على عظمة الخالق, وعلى جبروته, وعلى كمال قدرته, خَلْق هذه المخلوقات صغيرها وكبيرها، فإن صغير المخلوقات دليل على عظمة خالقه لعجز الخلق أن يخلقوا مثله.
فلو اجتمع الخلق كلهم على أن يخلقوا بعوضة, أو ذرة, يصوروها, ويركّبوا أعضاءها, ويركّبوا قوائمها, ثم ينفخوا فيها روحا, ويجعلوا في داخلها أعضاءها ومنافذها, ما استطاعوا ذلك مع صغرها! فخلقها من أعظم آيات الله تعالى, ولهذا جاء في الحديث القدسي قول الله تعالى: ومَنْ أظلم ممن يذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا برة أو ليخلقوا شعيرة أي: لا يقدرون على أن يخلقوا هذه الذرة ولا هذه البرة -حبة البر مع صغرها يصوروها حتى تكون مثل الحبة الأصلية- بحيث إنها فيها طعمها وغلافها، وفيها شقها إذا دفنت وسقيت نبتت وأنبتت سنابل مثلها وكذلك الشعيرة, أي لا يقدرون هذا في أصغر المخلوقات.
ويقال كذلك في كبير المخلوقات سواء من الجمادات أو من المتحركات؛ أي يُبيَّن أنهم لا يقدرون على مثل هذه المخلوقات؛ ولذلك قال تعالى: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ المعنى أن الله تعالى خلق السماوات والأرض مع عظمها ومع كبر خلقها فكيف مع ذلك لا يعيد الإنسان بعد موته؟ كيف يعجز عن خلقه مرة ثانية بعد كونه ترابا؟ ثم كذلك كبر ما خلق الله تعالى.