الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
108292 مشاهدة
انقسام الحيوانات المتحركة إلى قسمين

...............................................................................


أما الحيوانات المتحركة فإنها تنقسم إلى قسمين: قسم له أجساد وقسم ليس له أجساد وإنما هو أرواح وأنفس؛ هذا القسم الذي هو أرواح لا نشاهدهم, ولا نراهم, يخرقهم بصرنا, نتحقق أنهم موجودون, ولكن يخفون على الأعين, ليس لهم جثمان ولا روح يشاهد، الله تعالى خلقهم كما يشاء أرواح بلا أجساد, فمنهم الجن أرواح بلا أجساد نتحقق وجودهم, جعل الله لهم القدرة على التشكل والقدرة على التصور بصور مختلفة، ولكن خلقتهم الأصلية أنهم أرواح يخرقهم الجسد ولا نراهم يدخلون في الأرض الصمة يغيبون فيها.
وكذلك أيضا إذا سلط الله أحدهم دخل في جسد الإنسان, وسرى في أعضائه وفي لحمه وفي عروقه, وتمكن منه, وإذا انفصل عن جسم الإنسان لم يشاهد ولم ندرِ به، وهو أيضا ليس له ثِقل, لو أن أحدهم دخل في جسم إنسان ذكر أو أنثى ثم خرج منه ما تغير جسم ذلك الإنسان ظاهرا لا يتغير برؤيته, ولا يتغير بثقله أو خفته. بل هو كما هو، وهو مع ذلك يلابسه، وإذا لابسه تغلب على روحه تغلب على روح الإنسان وحياته؛ بحيث أن الألم يقع عليه إذا ضرب؛ فهو دليل على أنهم أرواح لا نحس بهم.
كذلك القسم الثاني: الشياطين هم أيضا أرواح بلا أجساد أي: أعني خلقتهم خفية, لا نراهم ولا نشاهدهم ولا ندري ما حالتهم ولا ما كيفيتهم. لا شك أن هذا دليل على عظمة الذي خلقهم. قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يلابسون الإنسان يقول صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم يعني: أنه يتسلط عليه, وينفذ فيه وينفذ في جسده, ويجري من جسده كما يجري الدم في جسده.
الإنسان لو كشط أو جرح إصبعه وُجِدَ فيه دم, أو رأس الإصبع وجد فيه دم, أو وسط الكف أو الذراع أينما جرح وجد فيه دم, هو دليل على أن الشيطان ينفذ في جسد الإنسان, هل تحس به؟ لا تحس به, ولا تشعر به وذلك لخفته لا شك أن هذا من خلق الله تعالى يصل إلى القلب، قال تعالى: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ فهو يصل إلى القلب ويوسوس فيه, ويذكّره أشياء. ويدعوه إلى كذا، ويقول: اذكر كذا, اذكر كذا وكذا, فكل ذلك دليل على أن الله تعالى إذا سلطه فإنه ينفذ في جسد الإنسان، ولكن إذا استعاذ منه, وتحصن بذكر الله انخنس؛ ولذلك سماه وسواسا وخناسا.