اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
180059 مشاهدة print word pdf
line-top
أسباب قوة الإيمان

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الإيمان بالله سبحانه وتعالى يقوى بالنظر في آيات الله، وبالنظر في أخباره, وبالنظر في مخلوقاته يرسخ الإيمان، وتثبت أصوله ودعائمه، ولأجل ذلك يشاهد أن المؤمنين حقا لا يتزعزع إيمانهم، ولو كثرت الشبهات, ولو اعترتهم العقوبات ونحوها، ولو كثرت الفتن.
مثال ذلك: أن الصحابة رضي الله عنهم الذين آمنوا في مكة لما أنهم رأوا الآيات البينات في نبيهم -صلى الله عليه وسلم- ورأوا المعجزات الباهرات، ورأوا الدلالات الواضحات, عند ذلك صدقوا تصديقا جازما, تصديقا قويا امتلأت به قلوبهم، ورسخ الإيمان في أذهانهم، وامتلأت به أجسامهم، فلقوا من العباد ما لقوا, ومع ذلك ما صدهم عما كانوا عليه من هذا الإيمان.
نعرف أنهم أوذوا في ذات الله تعالى، وكذلك نالهم ضرر, عذبوا عذابا شديدا من قبل أقوامهم، وضُرِبُوا, وأُلْقُوا في الشمس, وألقيت على صدورهم الحجارة المحماة، وما زادهم إلا قوة وتصلبا، ثم بعدما نالوا من العذاب ما نالوا هاجروا, تركوا بلادهم وأهليهم وأموالهم وديارهم وعشائرهم, وذهبوا إلى الحبشة قطعوا هذه المسافات، وقطعوا هذه البحار إلى أن صاروا هناك في الحبشة ؛ ليتمكنوا من عبادة ربهم، وليظهروا دينهم, لا شك أن الذي حملهم على ذلك هو تصلبهم في دينهم, وتمسكهم به.
وهكذا هاجروا بعد ذلك إلى المدينة وبقوا في المدينة في قلة, في خطر, وفي شدة, وفي اشتداد مؤونة, وفي جوع, وفي جهد، ومع ذلك تصلبوا وصبروا, وما قالوا: سوف نرجع إلى بلادنا، أو سنرجع إلى دين آبائنا، وذلك لأنهم اتضح لهم أن ما هم عليه هو الحق.

line-bottom