لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شرح لمعة الاعتقاد
194310 مشاهدة
من السنة هجران أهل البدع وترك الجدال والمراء

من السنة -أيضا- هجران أهل البدع. البدع تنقسم إلى: بدع اعتقادية، وبدع عملية، فالبدع الاعتقادية: هي البدعة في العقيدة كبدعة المعتزلة ونحوها، وأما البدعة العملية: فهي التي يبتدع أهلها بدعا في الأعمال مثل بدعة إحياء ليلة النصف من شعبان، وإحياء ليلة المولد، وصلاة الرغائب وما أشبهها بدع عملية أضافوها إلى الشريعة، وليست منها فواجب علينا أن نهجر أهل البدع، ونبغضهم ونحقرهم، ونبتعد عنهم ونَحذر، ونُحذر الناس من أن ينخدعوا لقولهم مباينتهم هي الابتعاد عنهم.
من السنة ترك الجدال والخصومات في الدين كان كثير من العلماء لا يسمعون أقوال أهل البدع، ولا يخاصمونهم، يقولون: إننا نعرف أنهم على ضلال، وأن من سمع كلامهم وناظرهم خُشِي أن يقع فيما وقعوا فيه، وأن تكون تلك البدعة سببا في ضلاله إذا سمع منها شيئا إذا سمع من شبهاتهم.
فلذلك لا يجادلونهم، ولا يخاصمونهم بل يبتعدون عنهم، ويحذرون من سماع شبهاتهم، وسماع كلماتهم.
لكن إذا كان مع أحد العلماء قدرة أو قوة على مخاصمتهم فإن له مناظرتهم؛ أن يناظرهم فيما يقولون كما فعل ذلك شيخ الإسلام -رحمه الله- فإنه ناظر كثيرا من المبتدعة، فناظر البطائحية، وهم فرقة من المتصوفة يدعون الولاية، وظهر عليهم، وغلبهم، وقطع شبهاتهم، وناظر الأشاعرة مرارا في دمشق وناظروه هناك شهود عقيدته فغلبهم، وكذلك ناظر كثير منهم في مصر وغلبهم بالحجة.
كذلك -أيضا- الإمام أحمد بن حنبل ناظر المعتزلة الذين يقولون: إن القرآن مخلوق، وأتوا بشبهاتهم فأبطلها، وأتى بالأدلة فلم يستطيعوا أن يردوها، فالخصومات إذا كانت في دين الله، وكان الذين يتولون ذلك من الأقوياء الذين يتبعون تلك الشبهات حتى لا يكون لها بقية؛ لا شك -أيضا- أنهم من أهل الخير، وأنهم ينصرون بذلك دين الله تعالى، وأنهم يزيلون الشبهات التي تعترض لبعض الجهلة.
وأما إذا كان الإنسان ليس عنده قدرة على مقاومتهم، فإن عليه الابتعاد عنهم وعليه -أيضا- ترك مناظرتهم والتحذير من مجالستهم، كانوا ينهون عن النظر في كتب المبتدعة، يقولون: لا تقرءوا في كتبهم فإنها ضلال، لكن يتولون الرد عليها أيضا ويناقشونهم؛ فشيخ الإسلام رد على الأشاعرة في كتابه نقض التأسيس.
التأسيس كتاب للأشعري الذي يُقال له الرازي فرد عليه ونقده نقدًا ظاهرًا، فقد طبع بعض هذا الكتاب.
كذلك كتاب الرافضي الذي يُقال له ابن المطهر والذي سماه منهاج الكرامة؛ نقده شيخ الإسلام وردَّ عليه بكتابه الكبير الذي سماه منهاج السنة النبوية.
فإذا خيف أن الناس ينخدعون بكتبهم، فإن العلماء يتولون الرد عليهم كما فعل ذلك أئمة الدعوة، ..فإنه طبعت كتب كثيرة لأولئك القبوريين، والذين يكفرون أئمة الدعوة فرد عليهم أئمة الدعوة، وأبطلوا شبهاتهم؛ وعلى هذا لا يجوز النظر في كتب المبتدعة لمن يخاف عليهم الانخداع بها ولا يجوز الإصغاء إلى كلامهم.
كانوا يحذرون التلاميذ لا تسمعوا كلام فلان، ولا تسمعوا كلام فلان فإنه مبتدع وإن عنده بدعة. كل محدثة في الدين فإنها بدعة، ثم بين ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- وكل محدثة بدعة وقال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد أي فهو مردود عليه.