تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح لمعة الاعتقاد
196954 مشاهدة
ما ورد في فضل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم

أصحابه رضي الله عنهم خير أصحاب الأنبياء عليهم السلام، خصه الله تعالى بصحابته الذين أحبوه وبايعوه ونصروه وأنفقوا في نصرته كل ما يملكون، وقدموا قوله على قول كل أحد، وساروا على نهجه رضي الله عنهم واقتدوا به لا شك أن لهم فضلهم ولهم مكانتهم.
قد ذكر الله تعالى فضل صحابته في عدة آيات، ورد أيضا فضلهم في عدة أحاديث مثل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ هؤلاء هم الصحابة الذين قاتلوا أهل الردة وصفهم بست صفات: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ هذه انطبقت على الصحابة الذين قاتلوا أهل الردة، فدل على فضلهم وأفضل خصالهم: أن الله يحبهم وهي أول خصلة لهم يحبهم، ومن خصالهم: تواضعهم: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وشدتهم على الكفار؛ فمثل هذه الآية قول الله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ .
يعني: أنهم غلاظ على الكفار، وأما بينهم فإنهم يتراحمون؛ يرحم بعضهم بعضا ويؤثر بعضهم بعضا، دليل على ما فضلهم الله تعالى به: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ يعني: علامة السجود إلى آخر السورة دليل على فضلهم، وأنهم خير الأمة، وما حباهم الله تعالى بقوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِين آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا هؤلاء المهاجرون وَالَّذِين آوَوْا وَنَصَرُوا هؤلاء الأنصار، فذكر أن بعضهم أولياء بعض، يعني أنهم يوالي بعضهم بعضا، ويحب بعضهم بعضا، وينصر بعضهم بعضا، ثم في آية بعدها: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ .
لا شك أن هذا كله دليل على فضلهم، ومدحهم الله تعالى به، كذلك أيضا مدحهم بقوله: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ فالسابقون الأولون هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة والأنصار هم الذين نصروهم وآووهم، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ يعني: جاءوا من بعدهم وصدقوا، كل الجميع ذكرهم بصفة الرضا في قوله: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ وذكرهم أيضا في سورة الحشر في قوله تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ هؤلاء المهاجرون وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ هؤلاء هم الأنصار، دليل على أنهم حازوا هذه الفضيلة.
وكذلك أيضا آيات كثيرة فيها مدح لهم وثناء عليهم، بأفعالهم تدل على أنهم أفضل قرون هذه الأمة، وثبت أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وفي رواية: القرن الذي بعثت فيهم، وذكر الإمام أحمد حديثا بلفظ: أنتم خير من أبنائكم، وأبناؤكم خير من أبنائهم إلى آخره.
وكذلك أيضا كان يعترف بفضل الصحابة الأولين، ذكر أنه وقع خصام بين خالد بن الوليد وهو من المتأخرين في الإسلام وعبد الرحمن بن عوف وهو من المهاجرين الأولين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخالد ومن معه: لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه .
المد ربع الصاع والنصيف نصف المد أي ثمن الصاع، يعني إذا أنفق أحد من الصحابة ربع الصاع أو نصف أو نصف الربع كان أفضل من إنفاق من بعدهم من الذين تأخر إسلامهم أو من غير الصحابة لو أنفق مثل جبل أحد ذهبا.