شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح لمعة الاعتقاد
194239 مشاهدة
البدع المكفرة

ثم يقول: إن هناك أيضا بدعا مكفرة حكم العلماء على أهلها بأنهم كفار، وإذا كانوا كفارا فإننا نحكم عليهم بالخلود في النار.
فالقبوريون يأتون بالشهادة ويصلون ويصومون، ولكنهم يشركون؛ حيث إنهم يدعون الأموات من دون الله؛ ينادونهم يا سيدي عيدروس يا سيدي عبد القدوس يا سيدي عبد القادر لا قوة لي إلا بك؛ أنت عوني وناصري فيشركون ويدعونهم في الشدائد ويتعلقون عليهم؛ فمثل هؤلاء قد رفعوا هذا المخلوق وجعلوه في رتبة الخالق، فيكونون بذلك قد أشركوا والشرك يحبط الأعمال قال الله تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وقال تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ .
كذلك كل بدعة مكفرة مثل غلاة الصوفية؛ فإنهم يرفعون الولي فوق النبي، ويدعون أن أولياءهم يأخذون من اللوح المحفوظ؛ ولأجل ذلك يقدمون أقوالهم على الشرع، فمثل هؤلاء قد تنقصوا الأنبياء وقد رفعوا سادتهم واتخذوهم مطاعين، يدخلون في قول الله تعالى عن أهل النار: رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فهؤلاء أيضا كفار يستحقون أن يخلدوا في النار.
وكذلك أيضا غلاة الرافضة فإنهم مشركون، فإنهم يعتقدون أن أئمتهم الاثني عشر معصومون، وأن أقوالهم مقدمة على الأحاديث الصحيحة وعلى الآيات الصريحة، فيجعلون أئمتهم قدوة يطيعونهم في معصية الله، يطيعونهم ويخالفون شرع الله وأمره ونهيه، فيكونون بذلك قد أشركوا حيث أطاعوا غير الله، ومع أن أئمتهم لا يرضون بذلك.
ثم أيضا أنهم قد كذبوا عليهم، وقالوا عليهم ما لم يقولوا وافتروا عليهم الأكاذيب؛ فلذلك نقول: إنهم كفرة حيث يتركون حكم الله وشرعه، ويأخذون عن من ليسوا بمعصومين ويعتمدون على أكاذيب؛ فمثل هؤلاء يكفرون ويخلدون في النار.
وكذلك أيضا غلاة الرافضة المشركين الذين يشركون بأئمتهم يدعونهم من دون الله؛ يهتفون بأسمائهم في الشدائد؛ تسمعهم يقولون وهم في أشد الحالات يا علي ويا حسين ويا زين العابدين أنقذنا فمثل هذا شرك، والشرك كما ذكرنا يحبط الأعمال.
فمثل هؤلاء لا يدخلون في اسم المسلمين حقا، بل الأصل أنهم مشركون.
وألحق بالبدع المكفرة بدعة غلاة الجهمية فإنهم بنفيهم للصفات الثابتة -صفات الله تعالى- بنفيهم لها يصدق عليهم أنهم قد كفروا؛ حيث إنهم عطلوا الله تعالى، فالذين قالوا: إن الله لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا يعلم ولا يقدر، نقول: إن هذا تنقص لله تعالى، وهذا التنقص لا شك أنه يلحقهم بمن جحدوا ربهم جحدا ظاهرا، فلا يكون بينهم وبين الدهرية فرق. فهذه وأمثالها من البدع المكفرة التي تخرج من الملة.