شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح لمعة الاعتقاد
194183 مشاهدة
المسلمون بعد الفتح يلون المهاجرين والأنصار في الفضل

ثم أسلم بعدهم مُسلمَة الفتح، وكذلك من جاء بعد صلح الحديبية؛ أسلمت الأعراب ودخلت الناس في دين الله أفواجا ونزل فيهم وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وهذه الآية تعم الذين أسلموا في الفتح، والذين أسلموا في سنة الوفود، والذين أسلموا في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ودخلوا في دين الله أفواجا، وتعم -أيضا- من جاء بعد الصحابة، ومن جاء بعد عصرهم إلى يوم القيامة.
كل من جاء بعدهم مسلما مؤمنا داعيا للسابقين يقولون رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ يدعون لإخوانهم من المهاجرين، والأنصار، وسائر الصحابة والسابقين الأولين يدعون -أيضا- لكل من سبقهم يدعون لهم بقولهم رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .
فاغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان؛ يدعون لمن سبقهم يدعون الله أن لا يكون في قلوبهم غل يعني: حسدا، وحقدا، وبغضا لمن سبقهم من المؤمنين بأن يجعلهم قلوبهم طاهرة، وأن يجعلهم متوالين، متحابين في ذات الله، يدعون لمن سبقهم ويترحمون عليهم ويغبطونهم بفضلهم، وبسابقتهم. هذه حالة المؤمنين فيما بعد الصحابة أنهم يدعون للصحابة.