شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شرح لمعة الاعتقاد
194227 مشاهدة
إثبات صفات الله تعالى بلا تأويل ولا تشبيه

يقول المؤلف: فهذا وما أشبهه مما صح سنده؛ يعني روي بأحاديث بأسانيد صحيحة وعدلت رواته، نؤمن به ونقبله ولا نرده, ولا نجحده, ونشهد بصحة ما جاء فيه, ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره؛ يعني لا نصرفه عن ظاهره كالأشاعرة الذين يقولون الغضب: إرادة الانتقام, والمحبة: إرادة الإنعام, فإننا نقول لهم: هذا التأويل صرف للفظ عن ظاهره, ثم نقول لهم أنتم فسرتم الغضب بالإرادة؛ هل هي إرادة كإرادتنا؟ فإذا قالوا: لا بل إرادة تليق بالخالق.
قلنا: فنحن نقول محبة تليق بالخالق وغضب يليق بالخالق فما الفرق بين الإرادة التي أثبتموها وبين الغضب الذي نثبته وبين المحبة التي نثبتها وكذلك سائر الصفات؟
يقول: لا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره كما يفعل المؤولة؛ وهو في الحقيقة تحريف وليس بتأويل, ولا نشبهه بصفات المخلوقين لقوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ولا ندعي معرفة كيفية تلك الصفات لقوله تعالى: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا .
ولا نشبهه بسمات المحدثين؛ سماتهم يعني أوصافهم؛ السمة: هي الصفة, المحدث: هو المخلوق؛ يعني: لا نشبهه بسمات المحدثين.
ونعلم أن الله سبحانه لا شبيه له, ولا نظير له ولا ند له, ولا سمي له, لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لا في أسمائه, ولا في صفاته, ولا في أفعاله, وهو السميع البصير؛ سمع وبصر؛ يليق به.
وكل ما يتخيل في الذهن, أو يخطر بالبال؛ فإن الله تعالى بخلافه؛ كل ما تخيله الإنسان في قلبه أو قدره بذهنه أن الله على تلك الصفة فإن الله بخلاف ذلك لقوله تعالى: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا .