يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح نظم البرهانية
116369 مشاهدة print word pdf
line-top
متى يستحق الحمل الميراث

وقد تقدم في أسباب الميراث أنهم يقولون: إذا كان الحمل وُلِدَ لأقل من ستة أشهر فإنه يرث بكل حال ؛ سواء كانت أمه فِراشًا أو غير فِراش، وإن كانت غير فِراش فوُلِدَ لأقل من أربع سنين ورث؛ لأنها أكثر مدة الحمل، فإن كانت فِراشًا فلا بد أن يولد لأقل من ستة أشهر؛ فإن وُلد لأكثر من ستة أشهر فلا يرث؛ لأنه يحتمل أنه من وطء متجدد.
مثاله: إذا كانت أم الميت متزوجة، وهي تحت زوجها، وزوجها يطؤها بحكم الزوجية، وادعت أنها حامل حتى يرث ابنها من أخيه الميت الذي هو أخ لأم؛ ادعت أنها حامل فننظر، إن ولدته لأقل من ستة أشهر عرفنا أنه موجود وأنه يرث، وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر لم يرث؛ لاحتمال أنه حدث من وطء متجدد بعد الموت؛ فلا يرث والحال هذه. وأما إذا لم تكن فِراشا؛ كما لو مات ميت، وزوجته موجودة وادعت أنها حامل، فننظر إن أتت بهذا الحمل لأقل من أربع سنين فإنه يرث، ولأكثر من أربع سنين فإنه لا يرث؛ وذلك لأن أكثر مدة الحمل أربع سنين. هكذا قدروا؛ ولكن الغالب أنه إذا زاد عن سنة يكون لمرض في الحمل؛ لأنه إذا مرض لم ينبت جسده ولم يتنامَ؛ فلذلك تطول مدته، وعلامة ذلك أن ينزل معها الدم؛ لأن العادة أن الحامل ما تحيض. فإذا حاضت فذلك لمرض بالجنين؛ لأن الدم ينصرف غذاء لهذا الجنين، يتغذى به مع سرته؛ فإذا مرض لم يتغذ، وخرج هذا الدم -دم الطمث- فيدل على أنه مريض فتزداد مدة الحمل. وقد يبقى سنة، سنتين، ثلاث سنين وهو في بطن أمه فيعالج: إما أن يُسقط، وهو الإجهاض، وإما أن يبرأ ثم يولد، وأكثر شيء أربع سنين، فالحاصل أنه في هذه الحال يوقف له الأكثر من ميراث ذكرين، أو ميراث أنثيين، ويقسم الباقي.
فلو كان عندنا -مثلاً- إذا كان عندنا زوجة وأبوان، والزوجة حامل، فهل الميراث ميراث ذكرين أكثر؟ أم ميراث الأنثيين؟ ميراث الأنثيين أكثر؛ لأن المسألة تعول؛ فنقسم المسألة سبعة وعشرين سهما: للزوجة ثلاثة، وللأب أربعة، وللأم أربعة، ويبقى ستة عشر نوقفها للحمل. نقدر أنه أنثيان. لو قدرنا أنه ذكران، أو ذكر وأنثى قسمنا المال أربع وعشرين. أعطينا الزوجة ثلاثة، والأم أربعة، والأب أربعة، وبقي ثلاثة عشر للذكرين، أو للأنثيين؛ ففي هذه الحال ميراث الأنثيين أكثر؛ لأن المسألة تعول؛ فنوقف الستة عشر، ونجعل المسألة من سبعة وعشرين.
أما لو كان للميت ابن، وله أبوان وزوجة، وزوجته حامل؛ في هذه الحال ميراث الذكرين أكثر. الزوجة والأبوان ميراثهما يأخذانه كاملاً، وأما الابن الموجود فإننا نعامله بالأضر، فلا نعطيه إلا ثلث الباقي بعد أهل الفروض. نعطيه الثلث، ونقف الثلثين لهذا الحمل، فإن وُلد ذكرين أخذا ما وقف لهما، وإن وُلد ذكرا أعطيناه سهمًا ونصفًا، وأعطينا أخاه الموجود نصف السهم الزائد. وإن ولد أنثيين فكذلك نعطيه سهما ونصفا من الموقوف يقسم بينهما، وكذلك إن وُلد ذكرا وأنثى نعطيه أيضًا ثلاثة أرباع الموقوف، وهكذا. يعني: نعامل الولد الموجود؛ الابن الموجود بالأضر، وأما من لا يضرهم كالأب والأم والزوجة فكل منهم يأخذ نصيبه كاملاً؛ لأنه لا يزيد ولا ينقص بكون الحمل ذكرًا أو أنثى، واحدًا أو عددا؛ فهكذا يعاملونه.
متى يكون ميراث الذكرين أكثر؟ إذا كان هناك أولاد فميراث الذكرين أكثر؛ لأنه يزاحم هؤلاء الأولاد، والذكر يأخذ مثل الذكر ومثلي الأنثى؛ فلو كان عندنا –مثلاً- لهذا الميت بنت، وله أم وزوجة حامل، وله هذه الزوجة. نقدر أن الحمل ذكران، بالنسبة للزوجة والأم ميراثهما لا يزيد ولا ينقص، فللزوجة الثمن، وللأم السدس، ولكن الأخت هذه؛ البنت إن كان الحمل أنثى فلها نصف الباقي، وإن كان ذكرًا فلها ثلث الباقي، وإن كانا ذكرين فلها خمس الباقي، فأيهما أضر؟ أن نقدره ذكرين؛ حتى لا نعطيها إلا خمس الباقي بعد الزوجة وبعد الأم. خمس الباقي، ونقف أربعة الأخماس، إذا ولد ذكران أخذاه، وإذا ولد أنثيان، أو ذكر وأنثى، أو ذكر فقط، أو أنثى فقط فإنهم يقتسمون الباقي، ويعطون أختهم الموجودة ما تستحقه معهم للذكر مثل حظ الأنثيين. هذه قسمة الحمل.

line-bottom