تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
شرح لمعة الاعتقاد
344450 مشاهدة print word pdf
line-top
نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو

وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن الغلو في قوله: إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين وثبت أيضا أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التواضع؛ لما دعاه قوم إلى أن يجلس في مكان مرتفع جلس على الأرض، وقال: إنما أنا عبد أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد يعني: أنه عبد لله، وذكروا أن أعرابيا جاء إليه فظن أنه ليس كمثل أحد؛ ليس مثل الناس فتواضع له، وقال: إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد .
القديد: هو النخل المجفف اليابس، يعني: أنني لم أخرج عن البشرية، فأنا ابن امرأة كما أن كل أحد فإنه مولود من امرأة، وأشباه ذلك مما يدل على محبته صلى الله عليه وسلم للتواضع وعدم رفعه فوق قدره الذي أنزله الله تعالى: ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله .
هناك آخرون يتسمون بالإسلام، ومع ذلك يحتقرون أوامره صلى الله عليه وسلم ويحتقرون سنته، ولا يطيعونه فتأتيهم الإرشادات والأوامر النبوية، ويضربون بها عرض الحائط مع ذلك يقولون: محمد رسول الله فمثل هؤلاء لم يطيعوه حق الطاعة بل لسان الحال من أحدهم، لسان أهل الحال بأحدهم يقول: لا أطيعك يا محمد ولو أمرتني بكذا وكذا.
عبر بعض العلماء مثلا عن الذين يسمعون قول النبي صلى الله عليه وسلم: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى .
أن لسان الحال لأحدهم يقول: لا أطيعك يا محمد أنت تأمر بإعفاء اللحى، أنا أخالفك، أنا أحلقها، وألقيها في القمامة وأدوسها بالأحذية، أخالفك فيما أمرت به، إذا قلت: أكرموا اللحى، قلنا: سمعنا وعصينا؛ يعني يقول ذلك بلسان الحال لا بلسان المقال، فكل من بلغه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فنبذه وراء ظهره؛ فإنه في الحقيقة مكذب أي: مكذب للرسالة إما إجمالا وإما تفصيلا، إما كليا وإما جزئيا، وكل من جاءه أمر من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يمتثله صدق عليه أنه لم يكن من الذين شهدوا له بالرسالة، نقول: كيف تقول إنه رسول وأنت مع ذلك لا تطيعه؟ تأتيك أوامره فتنبذها خلف الظهر، لا شك أنك في هذه الحال لم تكن صادقا في أنه مرسل.
حق الرسول أن يتبع، حق الرسول أن يطاع، وطاعته من طاعة الله ومحبته من محبة الله، ذكر هنا بعض الطلاب أن بعض المدرسين في مدرسة ليلية اعترف أمام الطلاب بأنه يحب الله ورسوله، ولكنه لا يصلي، فقال: أنا لا أصلي، أنا أعترف أنني لا أصلي منذ أن خرجت، ومنذ أن نشأت لا أصلي، ولكن يكفيني أني أحب الله ورسوله، نقول: كذبت؛ فإنك لو كنت تحبه لأطعته..
تعصي الإله وأنـت تزعـم حبه
هذا عجيب في الفعـال بديـع
لـو كان حبك صادقا لأطعتــه
إن المحب لمن يحب مطيـــع
فهكذا انقسم الناس في حق النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأقسام قسم غلو وقسم جفوا وقسم توسطوا.

line-bottom