إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
246543 مشاهدة print word pdf
line-top
الاعتكاف

وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، واعتكف أزواجه من بعده متفق عليه .


الاعتكاف:
قوله: وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، واعتكف أزواجه من بعده .
الاعتكاف: هو لزوم المسجد لطاعة الله فيلزم مسجدا من المساجد ليتفرغ للعبادة وينقطع عن الدنيا وعن الانشغال بها ويقبل على الله تعالى.
ويعرفه بعضهم تعريفا حقيقيا، بقوله: الاعتكاف هو قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق، ومعنى قطع العلائق عن الخلائق، أي: الانقطاع عن مخالطة العوام وعن مجالستهم للاتصال بخدمة الخالق، أي: للتفرغ لخدمة الله تعالى، أي: عبادته وطاعته.
وقد ذكر الله الاعتكاف في قوله تعالى: أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ [البقرة: 125] وفي قوله تعالى: وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة: 187] وكان أهل الجاهلية والمشركون يعكفون عند معبوداتهم، قال تعالى: وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ [الأعراف: 138] وحكى عن قوم إبراهيم أنهم قالوا: نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ [الشعراء: 71] فهذا العكوف إقامة طويلة عند تلك المعبودات، فشرع الله تعالى للأمة إقامة في المساجد للتفرغ للعبادة، وخص بالمساجد، فلا يجوز في غيرها؛ لأن ذلك يفوت الصلوات مع الجماعة، لأنه إذا اعتكف في بيت، فإما أن يخرج كل يوم خمس مرات، وكثرة الخروج تنافي الاعتكاف الذي هو طول المقام، وإما أن يترك الصلاة مع الجماعة، فيترك واجبا من واجبات الإسلام وهو صلاة الجماعة.
وقد لازم النبي -صلى الله عليه وسلم- الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في كل عام .
إلا مرة واحدة لما اعتكف معه ثلاث من نسائه، وضربن لهن أقبية، فترك الاعتكاف تلك السنة، واعتكف عشرا من شوال من باب القضاء .
وذكروا أيضا أنه كان يعتكف العشر الأواسط قبل أن يأتيه الخبر أن ليلة القدر في العشر الأواخر، فاعتكافه كان التماسا لليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، رجاء أن يوافقها.

line-bottom