إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
241466 مشاهدة print word pdf
line-top
الأحق بالإمامة

وقال: يؤم القوم: أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما أو سنا، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه رواه مسلم .



قوله: وقال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء... .
اختلف أيهما أفضل: القارئ أم الفقيه؟ والغالب في عهد الصحابة أن من قرأ فإنه يفقه، لكن قد يوجد في هذه الأزمنة من يحفظ كثيرا من الآيات ومن السور، ولكن لا يعرف أحكام الصلاة، فإذا كان لا يعرف أحكام الصلاة فربما يزيد فيها وربما ينقص فتختل صلاته، فالفقيه أولى منه، وإن كان يؤمر المسلم بأن يتفقه في صلاته.
(فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة) أي: أعلمهم بالأحكام، والسنة المراد بها السنة النبوية، ولكن الأمر أعم، أي: أكثرهم علما.
(فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة) ؛ لأنهم كانوا يهاجرون متتابعين بعضهم قبل بعض، والعادة أن الذي يتقدم هجرة يكون أكثر عبادة، أو يكون أكثر علما؛ لأنه مكث مدة طويلة يتعلم فيها العلم.
(فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا) أي: فأكبرهم؛ لأن الكبير له حق الاحترام.
قوله: (ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه):
السلطان هو صاحب الولاية، وإذا كانت الولاية له فهو الذي يتقدم، فصاحب المسجد أي إمام المسجد الراتب مثلا لا يتقدم عليه أحد ولو كان أفضل منه، وكذلك أيضا صاحب البيت، وصاحب الولاية يكون أولى بالإمامة إلا إذا أذن لغيره.
وقوله: (تكرمته)، أي: فراشه الذي يفرشه لنفسه، فلا تجلس عليه إلا بإذنه.

line-bottom