إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
143753 مشاهدة
تبييت النية لصيام الفرض

ويجب تبييت النية لصيام الفرض،


قوله: (ويجب تبييت النية لصيام الفرض ):
فقد ورد حديث عن حفصة رضي الله عنها قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من لم يبيت الصيام من الليل، فلا صيام له .
والصحيح أنه يكفي أن يقوم للسحور، فقيامه للسحور نية، وقيل أيضا: يكفي لرمضان نية واحدة؛ لأن المسلم ما دام مقيما وسليما فإنه لا يظن به أن يترك الصوم، فهو قد نوى، ولو لم يقل: إني نويت، فيكفي أنه عازم على الصيام.
وأنت في رمضان لو جاءك إنسان يعرف أنك مقيم، وأنك بالغ عاقل قادر، وقال لك: أتصوم غدا؟ استنكرت ذلك، لأنه يشك في صومك وأنت مسلم بالغ عاقل؛ وهل أحد يفطر في رمضان بلا عذر؟! فهذا دليل على أن الإنسان قد عزم على الصيام، فلا حاجة إلى أن يحرك قلبه بالنية، ولا حاجة إلى أن يقول: نويت أن أصوم غدا، بل يكفي عزمه وتصميمه على الصوم، وعزمه على أن لا يفطر.
ويمكن أن يتصور هذا في بعض الصور: فمثلا إنسان عزم على أن يسافر غدأ، وأنه سوف يفطر، فهو قد عزم في الليل، وجمع زاده ومتاعه، ولما أصبح لم يتيسر له السفر، ففي هذه الحال قد مضى عليه جزء من نهاره وهو لم ينو الصيام، فنقول له: أمسك، ولكن اقض هذا اليوم؛ لأنك أصبحت مفطرا.
أما لو عزمت على الصوم، وقلت: سوف أصوم غدا، وإن تيسر لي أني أسافر أفطرت بعدما أفارق البلد، ففي هذه الحال يجوز لك الفطر، ويجوز لك إتمام الصوم، وذلك لأنه لا بد لصوم الفريضة من نية أول النهار إلى آخره، بخلاف النفل.