قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. logo يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
246711 مشاهدة print word pdf
line-top
الطهارة شرط لصحة الصلاة



فصل
وأما الصلاة: فلها شروط تتقدم عليها.
فمنها: الطهارة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يقبل الله صلاة بغير طهور متفق عليه .
فمن لم يتطهر من الحدث الأكبر والأصغر والنجاسة فلا صلاة له.



قوله: (وأما الصلاة: فلها شروط تتقدم عليها. فمنها: الطهارة... إلخ):
بدأ بأول الأركان الأربعة وهو الصلاة التي هي الركن الثاني ، وبدأ العلماء بهذه الصلاة؛ لأنها أهم العبادات؛ ولأنها فرض عين؛ ولأنها عبادة بدنية؛ ولأنها حق الله على العباد في اليوم والليلة بعد توحيده.
وإذا قيل: لماذا بدءوا بالطهارة قبل الصلاة؟
فالجواب: أن الطهارة شرط للصلاة والشرط يتقدم على المشروط، فشروط الصلاة تأتي قبلها، فلأجل ذلك بدءوا بشروطها، ومن جملة الشروط الطهارة، ودليل اشتراطها الحديث المتفق عليه لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول والطهور هنا هو الطهارة التي هي رفع الحدث.
والأدلة على أن الطهارة شرط للصلاة كثيرة وهي مذكورة في بلوغ المرام:
فمنها: قوله -صلى الله عليه وسلم- لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ .
ومنها: قوله -صلى الله عليه وسلم- مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم وهذا دليل واضح على أن الطهارة شرط للصلاة.
قوله: (فمن لم يتطهر من الحدث الأكبر والأصغر والنجاسة فلا صلاة له):
الحدث: أمر معنوي يقوم بالبدن، يمنع صاحبه من الصلاة والطواف ومس المصحف ونحوه .
فخرج بقولنا أمر معنوي: الأمر الحسي، فإذا رأيت اثنين أحدهما متطهر والآخر محدث فلا يمكن أن تفرق بينهما، فدل على أنه أمر معنوي إذا قام بالإنسان لزمه أن يرفعه.
والحدث قسمان : أصغر وأكبر.
والأكبر: يوجب الغسل، والأصغر: يوجب الوضوء، والنجاسة يلزم إزالتها.

line-bottom