اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شفاء العليل شرح منار السبيل
201174 مشاهدة
دخول وقت الصلاة

قوله: [6- دخول وقت الصلاة، فلا يصح التيمم لصلاة قبل وقتها، ولا لنافلة وقت نهي] لحديث أبي أمامة مرفوعا جعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدا وطهورا فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده، وعنده طهوره رواه أحمد .


الشرح: الشرط السادس من شروط التيمم دخول وقت الصلاة فلا يصح التيمم قبل دخول وقت الفريضة، فإذا تيمم للمغرب مثلا قبل دخول وقتها وهو مغيب الشمس لم يصح تيممه، وهكذا لو تيمم للفجر قبل طلوع الفجر الصادق لم يصح تيممه ولزمه أن يعيده، وهذه المسألة فيها خلاف مبني على خلاف العلماء في أن التيمم هل هو رافع مؤقت للحدث، أم هو رافع مطلقا، أم مبيح وليس برافع؟
فقولهم (رافع مطلقا) أي أن التيمم كالماء يرفع الحدث، وهذا قد اختاره جماعة من العلماء، ولكن يرد عليهم بقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: الصعيد الطاهر وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته فلو كان التراب رافعا مطلقا لما احتاج أن يمس بشرته بالماء إذا وجده، ولاكتفى بتيممه بالصعيد الطيب، فالحديث السابق يدل على أن تيممه يبطل بوجود الماء ويلزمه أن يتطهر بالماء حال وجوده، حتى وإن وجد الماء بعد تيممه بدقائق.
وقال آخرون: بل التيمم رافع مؤقت للحدث إلى أن يجد المسلم الماء، فإذا وجد الماء عاد الحدث إليه ووجب أن يتطهر بالماء، وهذا القول هو الصحيح، وهو الذي تشهد له الأدلة.
وقال آخرون: بل التيمم مبيح وليس برافع، أي يبيح لك ما تيممت له من صلاة، أو قراءة قرآن، أو غيرها من العبادات التي يلزم لها الطهارة، مع كونك لازلت متلبسة بالحدث، إلى أن تجد الماء فتتطهر به .
والحق أنه ليس بين القولين الأخيرين فرق عملي؛ لأن كلا منهما يجيز للمتيمم العبادات التي تجوز له بالوضوء إلى أن يجد الماء، ولكن الأولين قالوا بأن التيمم يرفع الحدث ولكن رفعة مؤقتا إلى أن يجد الماء، وأما الآخرون فقالوا بأن التيمم يبيح له العبادات مع بقاء الحدث.
فالحاصل أنه على القول بالاختيار الصحيح وهو أن التيمم رافع مؤقت للحدث فإنه يصح التيمم قبل دخول وقت الصلاة؛ لأن التيمم بالتراب كالوضوء بالماء في رفع الحدث وجواز العبادات إلى أن يجد الماء، فإذا وجد الماء توضأ إن كان عن حدث أصغر، أو اغتسل إن كان تيممه عن جنابة، ويشهد لهذا حديث عمران بن حصين أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للرجل الذي أصابته جنابة فلم يصل مع الجماعة عليك بالصعيد فإنه يكفيك وهكذا حديث عمار بن ياسر - كما سيأتي-.