إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شفاء العليل شرح منار السبيل
201467 مشاهدة
تعدد النية في الغسل

قوله: [ومن نوى غسلا مسنونا، أو واجبة، أجزأ أحدهما عن الآخر، وإن نوى رفع الحدثين أو الحدث وأطلق، أو أمرا لا يباح إلا بوضوء وغسل، أجزأ عنهما ] قال ابن عبد البر المغتسل إذا عم بدنه، ولم يتوضأ فقد أدى ما عليه؛ لأن الله تعالى إنما افترض عليه الغسل، وهذا إجماع لا خلاف فيه، إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبله، تأسيا به -صلى الله عليه وسلم-.


الشرح: ذكر المؤلف هنا عدة حالات لناوي الغسل:
أولا: أن ينوي غسلا مسنونا أو واجبا فالمسنون كغسل الجمعة- كما سيأتي- والواجب كغسل الجنابة، فلو كان الإنسان جنبا فاغتسل يوم الجمعة- مثلا- وهو ينوي باغتساله غسل الجمعة فإن غسله هذا يجزئه عن غسل الجنابة، فيجزئ أحدهما عن الآخر ويرتفع حدثه بأي واحد منهما.
وهكذا العكس لو نوى يوم الجمعة أن يغتسل للجنابة أجزأ عن غسل الجمعة حيث إن القصد من شرعية الغسل يوم الجمعة النظافة وإزالة الوسخ المؤذي للمصلين، فيحصل بكل ما يسمى غسلا.
ثانيا: أن ينوي بغسله رفع الحدثين الأصغر والأكبر- كشأن كثير من الناس- فإن حدثه يرتفع بهذا الغسل؛ لأن الغسل يجزئ عن الوضوء- كما سبق- فالوضوء قبل الغسل سنة وليس بواجب؛ لأن
الغسل مجزئ عنه، فإن توضأ ثم اغتسل فهو أفضل.
ثالثا: أن ينوي رفع الحدث مطلقا أي دون تحديد، فإن حدثه يرتفع؛ لأن الغسل يجزئ عن الوضوء- كما سبق- فالغسل كاف في رفع الحدث سواء كان حدثا أصغر أم أكبر.
رابعا: أن ينوي بغسله أمرا لا يباح إلا بالوضوء أو الغسل، كالصلاة، ولو لم ينو رفع الحدث، فلو اغتسل ناويا الصلاة ارتفع حدثه الأصغر والأكبر؛ لأن من لازم نية الصلاة أن يرتفع الحدثان عنه؛ لأنها لا تصح إلا بذلك.
ولا شك أن الوضوء قبل الغسل هو المشروع، وهو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولأن هناك من أوجب الوضوء قبل الغسل أو بعده، ولأن الوضوء يجب فيه الترتيب، فالمغتسل غالبا يبدأ برأسه، ثم وجهه، ثم يديه، والمتوضئ يبدأ بوجهه، ثم يديه، ثم رأسه، لكن إذا اكتفى بالغسل استحب أن يمسح رأسه بعد غسله، وبعد غسل الوجه واليدين ليحصل الترتيب المطلوب.