تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
146136 مشاهدة print word pdf
line-top
وقوع التأويل في شرح الحديث كما في التفسير

يقول: وكذلك وقع من الذين صنفوا في شرح الحديث، يعني: أن هناك من غلطوا أيضا في تفاسير الأحاديث النبوية، كما غلطوا في تفاسير الآيات القرآنية، فحملوا الأحاديث على ما يهوونه، إذا جاءتهم الأحاديث التي تتعلق بالصفات فإما أن يردوها ويقولون: إنها آحاد، وإما أن يحرفوها عما تتضمنه كتحريفهم لأحاديث الشفاعة، ولأحاديث الرؤية.
لما كانوا ينكرون رؤية الله في الآخرة في الجنة أخذوا يؤولون الآيات. وكذلك يؤولون الأحاديث التي في إثبات الصفات، في إثبات الرؤية وفي إثبات صفة الوجه، وما أشبه ذلك فينكرون ذلك. سمع بعضهم رجلا يدعو بالدعاء المشهور الذي فيه: وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة فقال له منكرا: هب أن له وجها فكيف يمكنك أن تنظر إليه وأن تتلذذ بالنظر إليه؟ فقال ذلك الداعي: أنا متبع ولست بمبتدع لا ترد عليَّ رُد على الذين رووا هذا الحديث وهذا الدعاء. فإنه دعاء ثابت لا شك في ثبوته، فيحملون مثلا الوجه على الذات؛ لأنهم ينكرون صفة الوجه لله تعالى.
والحاصل أن هناك قوما صنفوا في شرح الأحاديث، فإذا جاءتهم الأحاديث التي تخالف معتقدهم في الأسماء والصفات سلكوا مسلك تأويلهم للآيات، فيفسرونها من جنس ما وقعوا فيه من تأويل الآيات من جنس ما وقعوا فيما صنفوه في شرح القرآن وتفسيره، وهؤلاء ليسوا جهلة وإنما حملهم على ذلك ما يعتقدونه، فأصروا على هذا المعتقد وتتابعوا عليه، متأخرهم يقلد متقدمهم.

line-bottom