إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
87427 مشاهدة
أحوال قبول المراسيل

والمراسيل إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصدا أو الاتفاق بغير قصد كانت صحيحة قطعا، أكثر التفاسير مراسيل، أو منقطعة من كلام التابعين.. إذا تعددت الطرق وروي إسناد عن مجاهد وروي إسناد عن قتادة وآخر عن علقمة وآخر عن ثابت وآخر عن عطاء لا شك أنه مع تباينهم بعضهم في مكة وبعضهم في الكوفة وبعضهم في الشام وبعضهم في مصر وتعددت وصارت على قصة واحدة دل على أن لتلك القصة أصلا، يقول: إذا تعددت الطرق وخلت عن المواطأة قصدا أو الاتفاق في غير قصد كانت صحيحة قطعا، أما إذا قدر أنهم تواطئوا ثم حدثوا بحديث يظهر أنهم قالوه من قِبَل أنفسهم فلا يكون صحيحا، يقول: فإن النقل إما أن يكون صدقا مطابقا للخبر يعني في نفس الأمر، وإما أن يكون كذبا تعمد صاحبه الكذب أو أخطأ فيه، فمن سلم من الكذب العمد والخطأ كان صادقا بلا ريب، كان خبره صدقا بلا ريب، وتعمد الكذب حرام، ولكن يوجد كثير يفسرون القرآن بآرائهم فيكون قولهم خطأ؛ لأنهم لم يعتمدوا فيه على النقل، ويوجد أيضا آخرون يتعمدون الكذب.

والغالب أنهم من المنافقين والزنادقة الذين يريدون أن يفسدوا على الأمة، ويمكن أن يكون كثير منهم من القصاص والوعاظ الذين يريدون أن يسمع الناس إلى كلامهم، ويأتون بأشياء غريبة لا يأتي بها غيرهم فيكثر الذين يتوافدون عليهم، يحصل هذا في القصاص.