قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
87584 مشاهدة
الكلام عن اختلاف أقوال التابعين

فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض ، إذا اختلفوا في تفسير آية فلا يقال الدليل مع فلان أو الصواب قول فلان إلا بحجة، وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه أسكن، وذلك أنه قد ينقل عن الصحابة في هذه الأخبار بعض الأشياء والنفس أسكن إلى ذلك، فيقرب أنه أصح، أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي- صلى الله عليه وسلم- .. مما سمعه منه أقوى، لكن يمكن أو يحتمل فكثيرا ما ينقل عن بعض الصحابة حديث مرفوع ثم ينقل عن صحابي آخر موقوفا، فيتبين أن هذا الموقوف له حكم المرفوع؛ لأنه جاء مرفوعا من طريق أخرى.
نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين، وإن كان قد يوجد أن بعض الصحابة ينقل عنهم، ولكن ذلك أقل من نقل التابعين إذا جزم الصحابي فيما يقوله فكيف يقال إنه أخذه عن أهل الكتاب؟ مع أنهم قيل لهم لا تصدقوهم، فإذا جاء الأثر أو التفسير مرفوعا عن الصحابي أو مجزوما به وإن لم .. قبلناه؛ لأنهم قد نهو عن أخذهم من أهل الكتاب، يقول المقصود بأن مثل هذا الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه ولا تفيد حكاية الأقوال فيه كالمعرفة بما يروى من الحديث الذي لا دليل على صحته وأمثال ذلك.
المقصود أن مثل هذا الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه ولا تفيد حكايته الأقوال فيه هو كالمعرفة بما يروى من الأحاديث التي لا دليل على صحتها، يعني الاختلاف الذي يروى عن الصحابة في التفسير وكالاختلاف في الأحاديث التي لا يتأكد من صحة الحديث ولا من ضعفه يعني كثيرا ما يأتي حديث يروى بأسانيد ضعيفة مع كونه مرفوعا، فهل نجزم بصحته؟ يقول الناظم الذي هو العراقي
وللصحـيح والضعيـف قصــدوا
فـي ظـاهر لا قطـع والمعتمـد
إمساكنا عـن حكمنـا على سـند
بأنـه أصــح مطلقــا وقــد
خـاض بـه قـوم فقيـل مـالك
عن نافــع فيمـا رواه الناسـك
فيقول: إننا إذا قلنا: هذا الحديث صحيح، فإنما ذلك في الظاهر وقد يكون ضعيفا في الباطن ونحن لا نأخذ إلا ما وجدنا ظاهرا، وإذا قلنا هذا الحديث ضعيف فإن ذلك في الظاهر فقد يكون صحيحا في باطن الأمر.