اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
150323 مشاهدة print word pdf
line-top
نماذج من اختلاف التنوع حول بعض الآيات

قد تقدم أن شيخ الإسلام رحمه الله ذكر أن تلك الاختلافات فيما بينهم إنما هو ليس اختلاف تضاد، اختلاف يسمى تنوعا، أي: أنواعا من الكلام داخلة تحت معنى واحد، والدليل عليه أن ابن جرير عندما يحكي تلك الأقوال يجمع بينها؛ فيقول إن هذه جائزة، جائز أن يكون كذا، وجائز أن يكون كذا، فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو نظيره، وقد تقدم أمثلة لذلك، قد يعبر عنه بلازمه أو بنظيره،؛ يعني: بما هو مشبه أو مشابه له أو بما هو نوع منه أو نحو ذلك.
قد ذكرنا أن ابن جرير عند قوله تعالى: وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ ذكر اختلافهم في القنطار المذكور في قول الله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ وفي قوله تعالى: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فعباراتهم تدل على أن القنطار هو المال الكثير ولا حاجة إلى تقديره بعدد مُبَيَّن مما يدل على أن هذا جائز، أن يعبر عنه بنظيره أو بلازمه أو بجزء منه. ومنهم من ينص على الشيء بعينه؛ يعني منهم من يعبر بلازمه ، ومنهم من يعبر بنظيره، ومنهم من ينص عليه بعينه ، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن، فليتفطن اللبيب لذلك والله الهادي.
واختلافهم يكون اختلاف تنوع -كما قلنا- وهو أيضا دليل على عنايتهم بالقرآن وكثرة اجتهادهم في معرفة معانيه، وتفسيرهم له حتى يكون ظاهرا، إذا قرأه القارئ عرف ما قرأ وعرف المدلول الذي تدل عليه تلك القراءة وما أشبهها. والذين يذكرونها أقوالا يريدون بذلك أنها أقوال في الظاهر؛ يعني: قول كذا وقول كذا من غير أن تكون متباينة في الأصل. يرجع في ذلك إلى التفاسير التي تحكي الكثير من الأقوال مع كونها متقاربة، ولا شك أنه قد يحصل أيضا بينهم شيء من الاختلاف.
فمثلا فسروا النسك في قوله تعالى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ وأكثرهم على أنه يكفي في النسك شاة، وبعضهم من قال: لا. بل لا بد من بدنة، وبعضهم فسر النسك بأنه العمرة أو العبادة في قوله: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ والذين فسروه بالدم استدلوا بقوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي أي أن النسك هو العبادة، وقيل هو الذبح، هذا مثال.
وكذلك الدم في قوله تعالى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ما استيسر من الهدي قال بعضهم: شاة، وقال: بعضهم بدنة، ولكن كأن هذا أيضا تمثيل، أي: مثالا لما استيسر من الهدي.

line-bottom