إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
81418 مشاهدة
الإسلام يسقط الجزية

ومن أسلم بعد الحول سقطت عنه.


لو أسلم أحدهم بعد الحول قبل أن يدفعها سقطت عنه، ولو بعدما وجبت؛ لأن الإسلام ليس هدفه منهم المال وإنما هدفه: تعريفهم بأحكام الإسلام وبسماحة الإسلام وبموافقته للعقل والفطرة، فإذا أسلم في آخر الحول ولو بعدما وجبت عليه لو أسلم في آخر يوم من السنة فإنها تسقط عنه، وإذا قلت: يمكن أن يتخذها حيلة، نقول: حتى ولو كان، حتى ولو اتخذها حيلة؛ ذلك لأنه إذا دخل في الإسلام ودان به عاملناه معاملة المسلم، فإذا كفر بعد ذلك؛ فإنه يقتل؛ ما يقر على دينه الذي كان عليه قبل ذلك. يخبر ويقال له: نحن نقبل إسلامك ونسقطها عنك، ولكن اعلم وافهم أنك إذا رجعت إلى دينك الذي تركته واعترفت بالإسلام دينا؛ أنك تعامل معاملة المسلم المرتد. المسلم الذي منا ومن أولادنا أو من جلدتنا إذا كفر وبدل دينه فإنه يقتل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه فهذا لا شك أنه سوف يردعه؛ يردعه إذا كان إسلامه لأجل الحيلة أن يسلم. يقول: إذا كنت سوف أقتل إذا رجعت إلى ديني فسوف أبقى على ديني وأبذل الجزية، أما كوني أسلم وتسقط عني الجزية، ثم إذا رجعت إلى ديني قتلت فلا حاجة لي في هذه الحيلة.
إن استمر على الإسلام عومل معاملة المسلمين، وإن قال: أريد الرجوع إلى ديني الذي أنا كنت عليه قيل له: لا نمكنك؛ نعاملك معاملة المسلم، إما أن تتوب وتعتنق الإسلام وإما أن تقتل. أما لو لم تدخل في الإسلام أصلا لأبقيناك على ما كنت عليه. نعم.