الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
81269 مشاهدة
من يعقد الجزية

ولا يعقدها أي: لا يصح عقد الذمة إلا من إمام أو نائبه ؛ لأنه عقد مؤبد فلا يفتات على الإمام فيه، ويجب إذا اجتمعت شروطه.


لا يعقد الجزية مع أهل الكتاب إلا الإمام أو نائبه والمراد بالإمام: الملك الذي تدين له البلاد التي فيها أولئك الكتابيون فيعقدها معهم أو يوكل نائبا يعقدها معهم؛ وذلك لأن هذا العقد مؤبد؛ ما داموا يبذلون الجزية فإنهم يبقون تحت هذا العقد، فإذا منعوا الجزية أو منعوا أن يدينوا بأحكام الإسلام انتقض عهدهم وحل قتالهم، ثم ما داموا مستمرين في بذل الجزية فإنهم يبقون تحت هذا الحكم ولو مائة سنة أو مئات السنين.
فلما كان هذا عقد يستمر، اشترط أن يتولى عقده الإمام أو وكيله في تلك الجهة؛ نائبه في تلك الجهة، وإذا تمت شروطه؛ إذا مثلا وجد ناس من أهل الكتاب في ولاية من الولايات، مدينة من المدن، متمسكون بكتابهم وطلبوا من الإمام أن يعقد لهم الذمة وأن يكونوا من أهلها والتزموا بما يلزمهم في ذلك، التزموا بأحكام الإسلام، فإنهم يعقد لهم، يجب عقده؛ وذلك بتمام شروطه.