إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
81248 مشاهدة
ما يتعين به الهدي والأضحية

بسم الله الرحمن الرحيم.
قال الشارح -رحمه الله تعالى- ويتعينان أي: الهدي والأضحية بقوله: هذا هدي أو أضحية أو لله؛ لأنه لفظ يقتضي الإيجاب، فترتب عليه مقتضاه، وكذا يتعين بإشعاره أو بتقليده بنيته.


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
التعيين: هو التحديد، يعني: تتحدد الأضحية، وكذا كالهدي وتتخصص في هذه الشاة أو في هذه الناقة بأن يقول: هذا هدي، هذه أضحية؛ يعينها بنفسه، فإذا اشتراها وقال: هذا هدي التمتع، هذه فدية القران، هذه أضحية لي أو لي ولأهل بيتي، فقد أصبحت متعينة.
قد عرفنا أنها إذا تعينت، لزمت؛ لم يجز له أن يغيرها، فالنية مجرد النية لا تكفي حتى يُشهد عليها، ويقول لمن يسمع: هذه فدية، هذه هدي، هذه أضحية.
والفرق بين الهدي والفدية أن الهدي ما يهدى إلى البيت فإذا عزم عليه فقد لزمه وقد وجب عليه، ولو كان تطوعا. أصله بأن قطع قطيعا من غنمه أو من إبله، وقال: هذا هدي أهديه إلى الله، أهديه إلى بيت الله الحرام فقد تعين، وقد يتعين بالفعل، وكانوا يشعرون الهدي ويقلدونه، ويكون ذلك علامة على أنه هدي، قد تقدم أن الإشعار: شق أسنمة الإبل من إحدى صفحتي السنام حتى يسيل الدم، ثم بلّ ذلك الدم في صوفة من وبر السنام وربطها في ذروة السنام.
تلك الصوفة المبلولة بالدم، ثم مسح الدم. لماذا تشعر؟ لتعرف أنها هدي فلا يتعرض لها. وكذلك القلائد، يفتلون قلائد من الليف أو من الشعر، ثم يربطونها في رقاب الإبل المهداة أو البقر أو الغنم، وقد يعلقون في القلادة نعلين علامة على أنها هدي، فلا أحد يتعرض لها إذا رأوها قد ضلت من صاحبها وفي فيها هذه القلادة، أو قد أشعرت لم يتعرضوا لها. لا تركب ولا تحلب ولا تذبح ولا تسرق ولا تملك. يحترمونها؛ كما أمر الله باحترامها؛ قال تعالى: لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا
الهدي: هو الذي يساق من الحل إلى الحرم يهدى لبيت الله من بهيمة الأنعام هديا بالغ الكعبة والقلائد: هي الحبال التي تربط في أعناق الهدي علامة على أنه هدي، فإذا رأيتها فإنك تعرف أنها هدي فتحترمها. تعرف أن هذه مهداة فلا أحد يتعرض لها إذا رؤيت وقد أشعرت أو قد قلدت، عرف أنها من الهدي. هذا معنى الهدي أنه يتعين، يعني: إذا عينها بقوله: هذا هدي أو هذه أضحية، أو بإشعارها أصبحت خارجة من ماله، خارجة من ملكيته، لم يجز والحال هذه أن يرجع فيها، ولا أن يعيدها في ماله؛ لأنه أخرجها لله، فأصبحت صدقة، لازما أن يخرجها وأن يذبحها في وقتها المناسب. نعم.