الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
81533 مشاهدة
تعريف الذمة والمراد بأهل الذمة

الذمة لغة العهد والضمان والسلام، ومعنى عقد الذمة إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة، والأصل فيه قوله تعالى: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد هذا الباب لأحكام أهل الذمة، ويراد بهم: الذميون الذين لهم ذمة؛ والذمة: هي العهد، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا حاصرت أهل حصن فطلبوا أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك يعني: عهدك وهو أن تتعهد لهم.
فأهل الذمة والذميون هم الذين يعقد لهم عهد على أنهم يأمنون في بلادهم ولا يقاتلون، ولا يقتلون ويبقون على دينهم بشرط أن يحكم فيهم بأحكام المسلمين؛ يلتزمون أحكام الإسلام، وبشرط أن يبذلوا الجزية. واختلف فيمن يعقد لهم:
فالأصل في أخذ الجزية وفي عقد الذمة هذه الآية في سورة التوبة: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ معنى أن هؤلاء من أهل الكتاب فهم ليسوا بمسلمين، ولكن لهم شبهة كتاب، أو لهم كتاب ولكن ليس بصحيح بل محرف أو منسوخ، ولما كان لهم هذا الدين الذي يدينون به فإنهم يُقرون عليه، ويبذلون الجزية، وفي هذا العمل معهم مصلحة.
أولا: نحن نعترف بأنهم أهل كتاب؛ اليهود عندهم التوراة، والنصارى عندهم الإنجيل، وإن كنا لا نعمل بالتوراة ولا بالإنجيل بل هي منسوخة.
وثانيا: أن في إقرارهم دعوة لهم إلى الإسلام؛ فإن الغالب أنهم متى بذلوا الجزية فإنهم يبقون مدة ثم يدخلون في الإسلام إذا رأوا حسن معاملة المسلمين وحسن صنيعهم معهم. يعتنقون الإسلام فيما بعد فيصبحون مسلمين، ففي ذلك مصلحة.
كذلك يعرفون أنه لا غرض لهم؛ للمسلمين في قتلهم وإنما الغرض هو التزامهم بأحكام الإسلام وسماعهم لتعاليم الإسلام، فليس غرض الإسلام السيطرة والنفوذ والقوة وإظهار السلطة، وإنما غرض المسلمين إظهار الإسلام ونشر تعاليمه.