إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
119384 مشاهدة print word pdf
line-top
من ثمرات قوة المؤمن

...............................................................................


المؤمن القوي إذا كان قلبه قويا تجرأ على أن يقول للمسيء: إنك خاطئ، ويقول للعاصي إنك عصيت ولا يبالي، ولو كان ذلك العاصي أميرا أو وزيرا أو كبيرا أو ثريا يفصح له ويتجرأ عليه، ويقول له أخطأت، ولو كان ذلك المؤمن من أطراف الخلق، لو لم يكن له معرفة، لو لم يكن عنده علم، ولكن علم بأن هذا القول خطأ، فقال لصاحبه: قد أخطأت يا هذا, علم بأن هذه معصية فقال لصاحبها وتجرأ ولم يخف، وقال: لقد عصيت هذه معصية، أنت من العصاة، أنت من الخارجين عن الطاعة، لا يبالي ولا يخاف من الناس، وإنما يخاف من الله، ويعمل بقول الله تعالى: فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ وقوله تعالى: فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي لا يخشى إلا الله يعمل بقول الله تعالى: الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله .
فهذا حقا هو المؤمن القوي الذي يجرأ على إنكار المنكرات وعلى إظهار الخير وعلى إظهار الأمر بالمعروف ويتجرأ على أن يقول الحق ولو على نفسه ويقول الحق ولو كان مرا ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بعض أصحابه يقول أبو ذر أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقول الحق وإن كان مرا وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم أي أن المؤمن لا يخاف في الله لومة لائم, يفصح بالحق ويظهره ويدل عليه، ويقول هذا هو الحق ولو خالفه من خالفه ويقول للمسيء قد أسأت، ويقول للمحسن قد أحسنت، ويفضل أهل الخير ويرفع من مكانتهم، إذا كان قادرا ولو كان دونهم في المنزلة، ولو كانوا أدون الناس، ويحقر أهل الشر ويقلل من شأنهم ويحتقرهم، ولا يرفع بهم رأسا، ولو كانوا رؤساء، ولو كانوا فصحاء، ولو كانوا ما كانوا هذا حقا هو المؤمن القوي. ويعم ذلك أيضا كل قوة يدخل فيها أيضا قوة البدن، والقوة في الكسب الذي يقدر على أن يكتسب المال ثم ينفقه في وجوهه، وكذلك أيضا يكون جريئا عند الناس على إنكار حرمات الله تعالى، أو ما أشبه ذلك هذا هو المؤمن القوي.

line-bottom