جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
120060 مشاهدة print word pdf
line-top
المخلوقات لها بداية والذي أوجدها هو الله سبحانه

...............................................................................


وكذلك أيضا هذه المخلوقات معلوم أن لها بداية، وأنها كانت معدومة ثم وجدت، وأن الذي أوجدها هو الله سبحانه وتعالى لم توجد أنفسها، قال الله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ يعترفون بأنهم لم يخلقوا أنفسهم، ولم يكن الرجل هو الذي يخلق أولاده، بل الخالق هو الله الذي أوجده وأوجد ذريته، ولو كان هو الذي يخلق ولده لاختار أن يكونوا ذكورا مثلا، وأن يكونوا في غاية الجمال وأن يكونوا في غاية الخلق الحسن، ولكن الله تعالى هو الذي يخلقهم، وهو الذي قدر وجودهم، وهو الذي قدرهم على هذه الهيئة، وفاوت بينهم فجعل هذا قصيرا وهذا طويلا، وهذا جسيما وهذا نحيفا، وهذا كامل الخلق وهذا ناقصه، وهذا أبيض وهذا أحمر وهذا أسود وهذا.. وهذا..
وكذلك هذه الدواب وهذه الوحوش وهذه المخلوقات، إذا تفكر فيها علم أيضًا، أنها ما أوجدت أنفسها، بل لا بد أن لها موجد أوجدها, الذي أوجدها هو الخالق لكل شيء الذي خلق هذه المخلوقات علويها وسفليها، فلا بد لها من موجد تنتهي هذه الموجودات إليه أي: ينتهي بوجودها إلى أن الذي أوجدها هو الواحد الذي لم يلد ولم يولد.

line-bottom