لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
120114 مشاهدة print word pdf
line-top
الإيمان بأن الله تعالى قديم

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: الحديث الثامن: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق الله؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينتهِ وفي لفظ: فليقل: آمنت بالله ورسله متفق عليه وفي لفظ: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا: من خلق الله؟ .


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
قال الله تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ أخبر تعالى بأن هذه الموجودات مخلوقة، وذلك لأنها مسبوقة بعدم، كما هو المشاهد أنها كانت معدومة ثم وجدت وأنها توجد شيئا فشيئا، وإذا كان كذلك فلا بد أن لها موجدا أوجدها, خالق خلقها، ولا بد أن هذا الخالق هو الذي لم يسبق بعدم وهو الرب سبحانه وتعالى الذي خلق كل شيء، وأعطى كل شيء خلقه، والذي لم يسبق بعدم؛ أي هو قديم لم يلد ولم يولد ولم يكن كفوا أحد، بل هو على كل شيء قدير.
فإذا آمن الإنسان بأن الله تعالى قديم؛ بمعنى أنه أزلي لم يكن مخلوقا لغيره، بل هو الخالق وحده، وأنه لم يكن معدوما فوجد، بل هو الأول كما أخبر عن نفسه في قول الله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وفي قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فإذا كان كذلك فإن الإنسان لا يجوز له أن يخوض في آيات الله تعالى بغير علم، ولا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته بغير علم، بل يتوقف عن الشيء الذي لا يدركه عقله ولا يدركه علمه.
فإذا جاءت الوساوس، ووسوس الشيطان للإنسان بأن الله تعالى هو الذي خلق المخلوقات، فإذا كان كذلك فمن الذي كان سابقا لله وخلقه؟ الجواب: أنك تقول: إن الله هو قبل كل شيء، وليس شيء قبله، كما ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كان الله ولم يكن شيء قبله فدل على أنه سبحانه هو الأول الذي لم يسبق بعدم.
لا شك أن هذه الوساوس تخطر على كثير من الناس، ويوسوس لهم الشيطان من الذي خلق الخالق؟ لا يجوز أن يخوض في ذلك, فإن الخالق ليس بمخلوق كما لا يجوز أن يقال: من قتل القاتل؟ القاتل قاتل وليس بمقتول حتى يقال: من قتل القاتل؟ فكذلك لا يقال: من خلق الخالق؟ الله خالق كل شيء.

line-bottom