الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
74915 مشاهدة
الله تعالى علم المخلوقات كلها بعلمه القديم

...............................................................................


فأولا: أن الله تعالى علم المخلوقات كلها بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا وأبدا، فعلم ما سوف يكون مما يحدث إلى آخر الدنيا، يعلم من سيحرث هذه الأرض، ويعلم من سوف يغرس فيها، ويعلم ما تنبت به هذه النباتات، ويعلم من سوف يولد في هذا البلد، ومن سوف يعمره بعلمه القديم، قال الله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ .
وذكر في تفسير مفاتح الغيب: أنها الخمسة التي ذكرت في قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ هذه هي مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله؛ علم الساعة، وكذلك وقت نزول المطر، وكذلك ما يكون في الأرحام أرحام الإناث، وكذلك ما يكون في غد من الأمور المستقبلة، وكذلك مواقع الحياة والموت لا يعلم ذلك على التفصيل إلا الله تعالى.
ويعلم ما في البر والبحر, كل ما في البر من نباتات، ومن حيوانات ومن وحوش ومن هوام، ومن سباع ومن دواب تدب على الأرض صغيرة وكبيرة، الله الذي خلقها وهو الذي يعلمها، وكذلك دواب البحر مع كثرتها وتفرقها، الله تعالى هو الذي يعلمها، وهو الذي يقدر لها رزقها: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا فهو عالم بكل شيء يعلم ما في البر والبحر.
وما تسقط من ورقة، أية ورقة صغيرة وكبيرة من شجرة إلا يعلم وقت سقوطها، متى تسقط ويعلم عددها، علم عدد الرمل حبة حبة، وعدد التراب وعدد أوراق الأشجار، وعدد زبد البحر ودواب البحر، وما من دابة في الأرض إلا الله تعالى خالقها، والمتكفل برزقها يرزقها إذا شاء.
كذلك الكتابة؛ أي أنه علم الموجودات قبل حدوثها وقبل وقتها، من سيأتي إلى قيام الساعة، وبعد ذلك لا يخفى عليه منه شيء, كذلك كتب ذلك كتبه في اللوح المحفوظ مع أنه عالم به.