القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
74937 مشاهدة
معنى الاستقامة

...............................................................................


ثم أمره بعد ذلك بالاستقامة. الاستقامة هي الاستمرار على الأعمال الصالحة والبقاء عليها والتزام العبد بها، وعدم الإخلال بشيء منها، وعدم الانحراف، وعدم الميل يمنة أو يسرة.
فالمستقيم هو الذي لزم الطاعة واستمر عليها وعاهد ربه على أن لا يترك عبادته، وعلى أن لا يترك ما أمره به أو يفعل ما نهاه عنه، فإن ذلك لا يكون مستقيما, المستقيم هو الذي يكون سيره سيرا عادلا غير مائل يمنة أو يسرة, أما غير المستقيم فهو الذي يروغ روغان الثعالب، يفعل الطاعة ثم يتركها يترك المعصية، ثم يفعلها فهذا هو الذي ليس بمستقيم.
استقم على أمر الله, قد أمر الله تعالى نبيه بالاستقامة، قال الله تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ أي: الزم أمر الله وتمسك به وسر عليه، واترك الانحراف والتخلي عن الطاعة، ملازمة الأوامر حقيقة الاستقامة وقال الله تعالى: فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ أي توجهوا نحو عبادته، واسلكوا الطريق الذي سار عليه أنبياؤه.
والذي شرعه لكم وهو الصراط السوي وهو الصراط المستقيم, جعله الله تعالى مستقيما؛ لأنه يوصل إلى دار كرامة الله وإلى ثوابه؛ ولذلك قال الله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ أي سيروا عليه سيرا سويا.
فالسير على هذا الصراط بالأعمال ليس بالأقدام إنما يكون ملازما للعبادة، إذا تركها قيل: فلان مال عن الطريق, إذا فعل المعصية قيل: فلان مال عن الاستقامة، بدل ما كان مستقيما ملازما للحق مال عنه, ولو كان سيره على الطرق الحسية سيرا سويا، ولكن يكون انحرافه بترك الطاعات أو بفعل المحرمات.