شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين
478298 مشاهدة print word pdf
line-top
القدوة الحسنة

السؤال: س461
نرجو إعطاء نبذة عن القدوة الحسنة، وماذا يجب على الوالدين والمدرس؟
الجواب:-
لا شك أن الشباب من حين الإدراك والعقل يتأثرون بما يرون، وبما يشاهدون في المجتمع، وينطبع ذلك في أخلاقهم وأقوالهم سواء كان حسنا أو سيئا ، فيجب أولا على الأبوين أن يكونا قدوة حسنة لأولادهما، بحيث لا يفعلان الحرام، ولا يتركان الواجب، وذلك بإحسان الكلام ولينه، واستعمال الألفاظ الطيبة في الدعاء والنصح والتعليم، والبعد عن السباب والشتم والعيب واللعن والقذف والهجاء، فإن الأطفال يقلدون من يسمعونه ينطق بذلك، وينشؤن عليه، ويصعب عليهم ترك الكلمات البذيئة، كما أن على الأبوين تربية الأولاد على العبادات بفعل الطهارة والنظافة، والطمأنينة في الصلاة، وكثرة الصدقة والصوم، والذكر والدعاء والقراءة، والدعوة إلى الله، وتعليم الخير، فإن ذلك من أسباب التقليد والقدوة والأسوة الحسنة، والبعد عن الأفعال القبيحة، كشرب الدخان، وتعاطي المسكرات والمخدرات، وآلات اللّهو، والأغاني والأفلام الهابطة، والصور الفاتنة، والمجلات الخليعة، والتبرج، وكشف العورات، ونحو ذلك مما هو دعاية للأولاد إلى فعلها، وعدم استنكارها، وعدم التقبل للنصيحة بتركها.
وهكذا يجب على المدرس والمدرب أن يكون قدوة حسنة، فإن الطلاب يقدرونه ويحترمونه، ويقلدونه في أفعاله وأقواله، فمتى ظهر بلباس حسن، وقد وفر لحيته، وحافظ على الصلاة والذكر والدعاء، والنصح والتوجيه وابتعد عن الإسبال، وشرب الدخان، وترك الصلاة، وسوء المقال، انتفع به الطلاب ، وتأثروا به تأثرا بليغا مفيدا لهم، كما يتقبلون تعليمه بالقول، وينتفعون به ويعتقدون ما يعتقده.
ولهذا يجب تفقد المدرسين، والنظر في عقائدهم وأعمالهم، ومنعهم من إظهار البدع والمعاصي، ولو كانوا معتقدين لها، مقتنعين بصحتها، إذا كانت مخالفة للمناهج الصحية، والأدلة والنصوص الظاهرة، فإن عرف عنهم عقائد باطلة كالرافضة، والصوفية، والقبوريين، والمعتزلة، والأباحية، والحداثيين، والعلمانيين، فإن الواجب إبعادهم عن تعليم أولاد أهل السنة سواء كانوا ذكورا أو إناثا ، وفي المسلمين من أهل السنة غنية من غيرهم، وهكذا يؤخذ على أيدى من يعلن المعاصي بقوله أو بفعله، ممن هو مغرم بحب الأغاني والموسيقى، ويميل إلى التبرج، وإبداء النساء زينتهن للأجانب، أو غير مقتنع بفرضية الصلاة، أو بوجوب الجماعة، أو تحريم الدخان والمسكرات، وإعفاء اللحى ونحو ذلك، فإن ضرر هؤلاء على الأديان، أعظم من ضرر السم على الأبدان.
وأما المجتمع فإن مسئوليته على مجموع الأمة، حيث أن المجتمع يجمع مختلف الأجناس، وفيهم المحسن والمسيء، والمطيع والعاصي، والمبتدع والسني، والمسلم والكافر، والبر والفاجر، والمهتدي والضال، والراشد والغاوي، ومن الصعب استواءهم على حالة واحدة، فالواجب على كل فرد أن يسعى في الإصلاح بقدر المستطاع، وعلى ولي أمر الأطفال الحفاظ عليهم عن الاختلاط بأهل السفه والفساد، الذين يوقعون من جالسهم وخالطهم في الشر والمنكر، وأن يحرص على تفقد جلساء ولده، ومعرفة وجهاتهم، فإن المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل وفي الحديث : لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي فمتى كان جلساء الأولاد من الشباب المستقيم، وأهل الصلاح والالتزام، أوصاهم بملازمتهم ، والتأسي بهم، فإن عرف من بعضهم الإنحراف، وفعل الجرائم والفواحش، حذر أولاده من مؤاخاتهم، والاقتداء بهم، وحرص على إصلاح ولده مهما استطاع، ليكون قدوة حسنة له ولغيره.
وأما وسائل الإعلام، وما تنشره عن ذكر الفنانين واللاعبين، وأخبارهم، فإن على أولياء أمور الأطفال أن يربؤا بهم عن الإصغاء إلى تلك النشرات التي تمثل ما هو فتنة وضلال، وقدوة سيئة، ودعاية إلى السفه والباطل، واقتراف الجرائم، والاحتيالات على الاختلاس  والنهب والاختطاف ، والوقوع في المعاصي والمحرمات، كالتدخين والمخدرات، وتعاطي المسكرات، والمظاهر السيئة، وتقليد أهل الفواحش والمنكرات، وهذا يحتاج إلى حفظ وحماية للشباب عن وسائل الفساد، وإبعاد له عن اقتناء تلك الأدوات والنشرات، حتى يسلموا على عقائدهم وأخلاقهم، وينشؤا على الفطرة الحسنة، والاستقامة على الحق ، والله الموفق.

line-bottom