إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
123638 مشاهدة print word pdf
line-top
إنزال الرواة منازلهم

...............................................................................


فمسلم -رحمه الله- استدل بهذا الحديث على إنزال الرواة منازلهم، يعني لما قسم رواة الأحاديث، وذكر أن منهم جهابذة حفاظ من علماء الأمة ومشاهيرها لهم مكانتهم، فهؤلاء يقدمون وتقبل روايتهم ويجعلون في أول الأسانيد، ويبدأ بمروياتهم وأحاديثهم، وهناك آخرون متوسطون عندهم نوع من العلم ومن الحفظ، ولكن لهم هذه المنزلة التي هي دون الأولين فننزلهم منزلتهم؛ أي نجعل رواياتهم في الشواهد ومقويات ومتابعات وما أشبه ذلك, وهناك آخرون ليسوا من أهل الرواية وليسوا من أهل العلم، وليسوا من أهل حمل الأحاديث والسنة فهؤلاء لا نشتغل بهم، هكذا جعل هذا الإنزال أنزلوا الناس منازلهم ولا شك أن الحديث على عمومه، وأنه يدخل فيه منازل الناس العامة والخاصة؛ فمعلوم مثلا: أن الإنسان إذا رأى من له مكانة وهيئة فإنه يحترمه، وإذا رأى آخر دونه في المكانة والهيبة والهيئة فإنه يكون قدره أقل، فهذا واقع حتى عند بعض البهائم.
يقول بعض الشعراء:
إن الفقـير بكـل شـيء مبتلى
والنـاس تغلـق دونـه أبوابهـا
حتى الكـلاب إذا رأت ذا هـيئة
أصـغت إلـيه وحـركت أذنـابها
وإذا رأت يومـا فقـيرا ذاهـبا
نبحـت علـيه وكشـرت أنيابهـا
يعني مع أنها بهائم، ولكن من جبلتها مما خلقت عليه؛ أنها إذا رأت الذي له هيئة، وله هيبة، وله مظهر ولباس ظاهر، ولباس فاخر أنها تميل إليه، وتحرك أذنابها وتصغي إليه، وأما الفقير الذي لباسه رديء وثيابه رثة سملة فإنها تستنكره وتنبحه هكذا ذكروا.

line-bottom