شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب الآجرومية
97701 مشاهدة
فائدة علم النحو

...............................................................................


نعرف أن المفعولات هذه بمعنى أنها منصوبة، إذا تتبعها عرف طالب العلم عندما يقرأ أو يكتب أو ينطق يستلزم أو يستحضر حكمها، أن حكمها النصب. على أي شيء نصبت؟ . أما إذا لم يكن عند بدء القراءة مستحضرا لموقع تلك الكلمات فإنه يقع في اللحن ويقع في الخطأ. فلذلك يقولون: إن من فائدة علم النحو هو السلامة من اللحن ومن الأخطاء اللغوية في كلام الله تعالى، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم وكلام أهل العلم. وفيه أيضا فائدة وهي فهم المعاني؛ فإن الكثير من المعاني لا تفهم إلا إذا عرف وضعها، وعرف موضعها من الإعراب، وعرف كيفية النطق بها. وكذلك أيضا من فوائد معرفتها - يعني الإعراب كله - أن يعرف كيف الإملاء وكتابة الكلمات حتى لا يقع في خطأ إملائي أو نحوه.
وبكل حال.. معرفة هذا النوع الذي هو علم النحو تتوقف عليها أشياء كثيرة: فهم كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل العلم، والسلامة من اللحن ومن الغلط، والسلامة من الخطأ في الكتابة وما أشبهها . كثير من الناس يكونون قد قرءوا هذه الأبواب كلها؛ ومع ذلك يشاهد عليهم أخطاء، ويوجد معهم لحن في القرآن وفي الأحاديث وفي قراءة الكتب. وإذا سألتهم أو ناقشتهم وجدت أنهم يعرفون الأبواب، ولكن ينقصهم التمرن على النطق بهذه الكلمات.
فإذن يتأكد فيمن عرف مثلا هذه الأبواب كلها؛ منصوبات الأسماء ومرفوعات الأسماء والأفعال وما أشبهها؛ يتأكد في حقه أن يقرأ، ثم يتفقد الكلمات التي يقرؤها كيف ينطق بها. أو يقرؤها على طلبة العلم الذين لهم معرفة بكيفية النطق، ثم يستمع إلى إجاباتهم إلى جوابهم أو إلى تقويمهم له، أو يكلفهم ويقول: أريد أن ترشدوني إلى الأخطاء والأغلاط التي أقع فيها؛ حتى أنتبه لها في المرة الثانية أو ما بعدها. فإذا أرشدوه وقالوا: أخطأت في هذه الكلمة محلها الرفع وأنت نصبت أو خفضت، انتبه لها بعد ذلك أو لما يشبهها.
لا شك في أفضلية هذا العلم الذي هو معرفة النحو وما يترتب عليه. ولذلك كانوا يحثون على البداءة به قبل القراءة في الكتب المطولة أو المختصرة؛ ليكون الإنسان على بصيرة ومعرفة بما يقرؤه أو بما يمر عليه. وكذلك ينهون أيضا عن التوغل فيه؛ لأن هناك من توسعوا في علم النحو وأفنوا فيه أعمارهم وجعلوه أكبر ما يبحثون فيه وصار هو شغلهم.
ذكروا أن كل إنسان يكون مهتما بما تخصص فيه في جميع مجالاته وكلماته ونحوها، ويظهر ذلك في علومه الأخرى. فقالوا مثلا: إن من النحاة المشهورين أبا حيان الذي كان في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية له كتاب البحر المحيط في التفسير، شحنه بالإعراب وبالخلاف في الكلمات، كلما أتى على كلمة ذكر وجوه إعرابها، وما قيل فيها من الخلافات، وما أشبهها، فأصبح التفسير كأنه نحو؛ البحر، ومثله مختصر له يسمى: النهر، فيدل على أن الذين اشتغلوا به، وأكثروا منه فاتهم خير كثير.
فلذلك يقولون: النحو في الكلام كالملح في الطعام، أي تعلمه يقتصر منه على ما يقيم اللسان، دون التوسع فيه، فإن الملح إذا أُكْثِرَ منه أفسد الطعام، وإذا قُلِّلَ منه فسد الطعام، بل يكون بمقدار. فكذلك النحو: من لم يقرأ منه شيئا فاته علم المعاني، وكيفية النطق بالكلمات، ومن توغل فيه فاته علم كثير من علوم الشريعة، وخير الأمور أوساطها.