من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح كتاب الآجرومية
97632 مشاهدة
علامات الفعل


الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف رحمنا الله تعالى وإياه: والفعل يعرف بقد والسين و ( سوف ) وتاء التأنيث الساكنة.
والحرف ما لا يصلح.. معه دليل الاسم ولا دليل الفعل.


ذكر أن الفعل له علامات كما أن للاسم علامات، قد ذكرنا أن الفعل هو الحدث، وأن الحرف هو كلمات محصورة تستعمل لبعض المعاني، فإن قال: الفعل يعرف بقد والسين وسوف وتاء التأنيث الساكنة؛ الفعل له علامات: علامات قبله وعلامات بعده فالعلامات التي قبله منها قد والسين وسوف. ومنها أيضا الجوازم ومنها النواصب وتأتينا في باب الأفعال إن شاء الله. فمن النواصب: أن ولن وإذن إلى آخرها لا تدخل إلا على الأفعال وتنصب الفعل. ومن الجوازم: لم ولما إلى آخرها لا تدخل إلا على الأفعال وتكون في أول الفعل، فإذا قلت مثلا: لم يقم ولم يقعد عرفت أن يقم ويقعد فعلان، وإذا قلت: لن تحضر ولن يتكلم عرفت أن يحضر ويتكلم أفعال، قد ذكر أن الفعل: هو ما يدل على حركة أو تغير في الإنسان، وأن له هذه العلامات.
ومنها حرف قد، قد من الحروف ويقولون: إنه حرف تحقيق يؤتى به لتحقيق الكلام ولتقويته وتأكيد تحققه، فإذا قلت مثلا: حضر الرجل، وقلت: قد حضر الرجل فكلمة قد حضر أقوى من حضر كلمة قد زادت الكلام تقوية، فتسمى حرف تحقيق تدخل على الفعل المضارع أحيانا، ولكن أكثر دخولها على الماضي دخلت على المضارع قال تعالى: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ يعلم المضارع دخلت عليه قد وقال تعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ ولكن هذا فعل يدل على المضي يعني قد رأينا قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ أي قد رأيناه فالأصل أنها تدخل على الماضي؛ مثل: قد حفظ وقد حضر وقد قام قد صلى قد زكى قد انتقل، فهي أقوى مما إذا كان الكلام خاليا من قد هذه مما يعرف بها، إنها تقوي الكلام مما يعرف بها الفعل.
العلامة الثانية السين تدخل أيضا على الفعل وتدل على أنه لم يحصل ولكنه يحصل في المستقبل، مثل قوله تعالى: سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا يعني سيأتي الإلقاء ما حصل ولكنه مستقبل، وتقول: سأعطي فلانا سأكلم الرجل سأتطهر للصلاة سأحضر عند فلان، هذه أفعال دخلت عليها السين التي تدل على أن الفعل مستقبل ولم يحصل، وتسمى حرف تنفيس يعني أنه هناك نفس بين الفعل وبين حصوله.
والعلامة الثالثة سوف تدخل أيضا على الفعل ولكنها تدل على أنه مستقبل وأنه متأخر ولكنه متحقق الوقوع قال الله تعالى: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ هنا دخلت سوف على الفعل فهو يدل على أنه سوف يحصل، أنه يحصل ولكن متأخر مع أنه قد دخلت عليه السين في موضع آخر كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ فهنا دخلت عليها سين، وهنا دخلت عليها سوف والكل مستقبل، فأنت إذا قلت سوف يحضر فلان فالمعنى أنه ما حضر ولكن يحضر مستقبلا ويمكن أن يتأخر. وهكذا بقية الأفعال المستقبلة يؤتى لها بالسين أو بسوف هذه العلامات تكون علامات للفعل، ولكنها تكون في أوله.
وأما العلامات التي تكون في آخره فذكر منها التاء . واقتصر على التاء واقتصر على التاء الساكنة وسماها تاء التأنيث وهي علامة ظاهرة للفعل، إذا كان الفعل مسندا إلى مؤنث دخلت عليه التاء وسكنت فتقول: المرأة قامت والشمس طلعت، ويسمى تأنيث الشمس تأنيث معنوي وتأنيث المرأة تأنيث حقيقي؛ لأن لفظة الشمس تعامل معاملة المؤنث، فتقول: الشمس طالعة والشمس غاربة والشمس واقفة والشمس حارة، فتعامل معاملة المؤنث.
فإذا قلت مثلا: احترت الشمس غربت الشمس اختفت الشمس فهذه الحروف دل على هذه الكلمات تدل على أنها حروف اختفت وطلعت وغربت، وكذلك أيضا الكلمات التي هي مؤنث ليس بحقيقي، فتقول مثلا الشجرة أثمرت أو تقول النخلة نبتت، نبتت هذه فعل أسند إلى مؤنث وإن كان مؤنثا غير حقيقي، كما تقول: النعجة ولدت مؤنث حقيقي، أو تقول البقرة سمنت مؤنث حقيقي هذه أفعال، اقتصار الماتن على تاء التأنيث الساكنة فيه شيء من القصور.
وذلك لأن التاء حتى ولو كانت متحركة هي من علامات الفعل، فتارة تحرك بالضم وتارة بالكسر وتارة بالفتح، وكلاهما من علامات الفعل؛ فإن المتكلم يقول: قمت دخلت قرأت خرجت صليت نمت استيقظت، هذه أفعال ما علامة فعلها التاء التي هي تاء الضمير وهكذا إذا كانت مفتوحة للمخاطب، فإنك تقول: دخلت وخرجت وجلست ونطقت وتكلمت وكتبت وتحركت. كل هذه حرف تاء متحركة وكل هذه أفعال.
كذلك أيضا المكسورة إذا كان المخاطب أنثى فإنك تقول وتخاطب المرأة فتقول: إذا أنت دخلت ورأيت وتحركت وقمت وقعدت مخاطب بها مؤنث كلها حروف أي كل هذا الحرف دليل على أن هذا من الأفعال يعني التاء الساكنة والتاء المفتوحة؛ الساكنة مثل قامت والمفتوحة مثل قمت والمضمومة مثل قمت والمكسورة مثل قمت، كلها من علامات الفعل كل هذه أفعال.
وذكروا أيضا للفعل علامات أخرى؛ منها في آخره الياء للمخاطبة هي أيضا من علامات الفعل فإنك تقول للمخاطبة: قومي وادخلي واخرجي وتكلمي واسكني وارتحلي واركبي وانزلي هذه من علامات الفعل دخول ياء المخاطبة. وذكروا أيضا من علامات الفعل نون التأكيد تارة تكون نونا ثقيلة وتارة تكون خفيفة؛ النون الثقيلة مثل قوله: أقبلنَّ وادخلنَّ أو لأخرجنَّ والنون الخفيفة مثل قوله: وَلَيَكُونًا في قصة يوسف لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا يسجننَّ هذه نون ثقيلة ويكونَنْ هذه نون خفيفة وهذه علامات الفعل.