قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شرح كتاب الآجرومية
97684 مشاهدة
النوع الثالث للفاعل الظاهر: جمع المذكر السالم

...............................................................................


وقوله: وقام الزيدون. الزيدون هذا الجمع أكثر من اثنين. لفظ دل على أكثر من اثنين وأغنى عن المتعاطفين بزيادة في آخره صالح للتجريد وعطف مثله عليه. فهو يغني عن قولك: جاء زيد وزيد وزيد وزيد؛ فتقول جاء الزيدون. ويسمى هذا جمع مذكر سالم؛ وذلك لأنه سالمة حروف المفرد فيه. حروف المفرد لم تتغير وهو كلمة زيد باقية على حركاتها؛ زيد فيه بالواو والنون زيدون. وأما البقية فإنها لم تتغير حركاتها الزاء والياء والدال؛ فلذلك يقال جمع مذكر سالم. كل ما كان سالما سالمة حروفه؛ مثل العمرون خالدون جمع خالد، والمسلمون جمع المسلم الصالحون جمع الصالح، وهكذا. فكل هذا من جمع المذكر؛ فعلامة رفعه الواو. إذا قلت: جاء الزيدون مرفوع وعلامة رفعه الواو بدلا عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن الحركة والتنوين في الاسم المفرد.