قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
92153 مشاهدة
الاهتمام بجانب دون الآخر

وسئل حفظه الله ورعاه: إذا اهتم عالم بجانب من الجوانب الشرعية نظرا لحاجة بلده إلى ذلك الجانب (كالاهتمام بالحاكمية في بلد لا يُحَكِّم شرع الله) هل هذا يدل على عدم اهتمامه بجوانب الشرع الأخرى؟
فأجاب: اعلم أن الواجب على كل فرد من الأمة الإسلامية أن يتعلم ما يلزمه العمل به وما يصح به عمله ويخرج به من العهدة، فيتعلم الطهارة الواجبة ونواقضها، وصفة الصلاة ومبطلاتها، ومقدار الزكاة إن كان من أهل الأموال الزكوية، وكذا تعلم الصيام وما يفسده، وتعلم العقود اللازمة والمحرمات الشرعية، وكذا تعلم العقيدة السليمة والعبادة بأنواعها وما يضادها، وكذا بقية العلوم الضرورية.
أما إذا عرف ما لزمه من العقائد والأعمال وأراد التوسع والتخصص فله أن يهتم بالعلم الذي تمس إليه حاجته كثيرا لوجود من يطعن فيه، أو من يخالفه، ولهذا اهتم السلف الصالح بعلم العقيدة لكثرة المخالفين فيها من أهل البدع والمحدثات، فأكثروا من الكتابة في إثبات الصفات والقرآن والكلام والإيمان ونحو ذلك، وعلى هذا فلا ينكر على من اهتم بأمر الحاكمية للحاجة الماسة في بلاده، أو اهتم بأمر التصوف أو بأمر الأولياء أو بالرد على القبوريين لوجودهم عنده وللاستعداد لمناقشتهم وقطع شبههم، أما بقية العلوم الزائدة على قدر الحاجة فلا يلزمه التوسع فيها، ولا يعتبر تركه استهانة بها، والله أعلم.