إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
92122 مشاهدة
شروط وأركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

سئل فضيلة الشيخ: ما شروط وأركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟
فأجاب: ركن الشيء هو جانبه الأقوى، كأركان البيت وهي حيطانه التي يعتمد عليها سقفه، وقيل: ركن الشيء جزء ماهيته، كأركان الصلاة، وهي الأقوال والأفعال التي بمجموعها تقبل الصلاة.
وأما الشروط فهي: لوازم الشيء وما لا يتم إلا به، كالمقدمات التي يتوقف وجوده أو وجوبه عليها.
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتكون من أربعة أركان: الآمر، والأمر، والمأمور، والمأمور به.
فالأول: هو الفاعل الذي يوجه الأمر إلى غيره.
والثاني: هو الصيغة أو العبارة التي يتكلم بها، أو يشير بها ليفهم عنه الأمر الذي يريد حصوله وهو المعروف، أو يريد تركه وهو المنكر.
والثالث: هو الشخص الذي يوجه إليه الكلام، ويطلب منه الفعل أو الترك.
والرابع: هو الفعل أو القول المراد حصوله أو الابتعاد عنه.
وأما الشروط: فيشترط في الآمر الناهي أن يكون: مسلما، عاقلا، عالما، حسن التأديب، عاملا بما يأمر به، تاركا ما ينهى عنه، قادرا على الأسلوب الحسن والتعبير المقنع.
فالشرط الأول: الإسلام: فلا يجوز أن يتولى وظيفة الحسبة الكافر، أو المبتدع، أو العاصي، فإنه مأمور بإصلاح نفسه، وإزالة نقصه وعيبه، مع أن المعتاد عدم إخلاصه في الدعوة، وحرصه على تبرير موقفه، واعتذاره عن نفسه، ولو تعين في هذه الوظيفة وأعطي عليها أجرا لما قبل الناس منه مع مخالفته لما يأمر به، أو ينهى عنه، وقد وبخ الله -تعالى- اليهود بقوله: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ والخطاب عام لكل من فعل كفعلهم.
الشرط الثاني: العقل: وضده الجنون، أو السفه والخبال، وهو الذي لا يحسن التصرف، ولا يعقل المصالح، ولا يفرق بين الخير والشر، فمثل هذا لا يتولى وظيفة الحسبة، لأنه ناقص نقصًا ظاهرًا، لا ينتفع بكلامه معه.
الشرط الثالث: العلم: وهو أن يكون المحتسب عالما بما يأمر به، عالما بما ينهى عنه، متحققا أن هذا معروف وهذا منكر بالأدلة الصحيحة الواضحة، بخلاف الجاهل بالأحكام فإنه قد يلتبس عليه الحق بالباطل، فيظن المعروف منكرا، أو المنكر معروفا.
ولا شك أن أغلب الواجبات والمحرمات ظاهرة الحكم، لا يخفى أمرها على من نشأ في بلاد الإسلام، وسمع القرآن وأدلة الأحكام، فإن معرفة وجوب الصلاة وأدائها في الجماعة، وتحريم الزنى والتبرج والخمر والغناء ونحوها ممن لا تخفى على مسلم، حتى من ابتلي بها، فإنه يعترف بتحريمها، وإنما الذي يخفى بعض ملحقاتها كبعض مسائل البيوع، والعقود والخصومات ونحوها.
الشرط الرابع: حسن التأديب: فإن من كان صلفا شديد العقوبة نفر منه الناس، ولم يقبلوا أمره ونهيه، وكثرت عليه الوقائع، وانتشرت سمعته السيئة لشدة بطشه، وزيادته في العذاب على قدر الحاجة، ومثل هذا لا يطول بقاؤه، وكثيرا ما يلصق به من الأفعال والوقائع ما لا حقيقة له.
الشرط الخامس: التطبيق: وهو أن يكون ممتثلا لما يرشد إليه، بعيدا عن فعل المنكرات، أو القرب منها، منزها نفسه وأهله عن الشبهات وأهلها، حتى لا يرد قوله بفعله.
الشرط السادس: القدرة على التعبير الحسن والأسلوب المقنع، والقول اللين اللطيف، الذي يصل إلى القلوب وتطمئن إليه النفوس، بخلاف الجاهل بذلك فإنه لا يقدر على الإنكار بحكمة، وسلاسة قول، بل يُنْفر بتعبيره ونبزه غيره بالجهل والكفر، والكلمات النابية، فيقل الانتفاع بأمره ونهيه. والله أعلم.