اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
152714 مشاهدة print word pdf
line-top
صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر

إن من صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يبدأ بإصلاح نفسه قبل غيره، وذلك بأن يعرف الخير ويفعله، ويعرف الشر ويبتعد عنه، وبعد معرفته للخير وابتعاده عن الشر لا يقتصر على نفسه، بل عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يبدأ بغيره قبل أن يبدأ بنفسه، فإن الله -تعالى- يمقت ذلك والفطر السليمة تنكر ذلك أشد الإنكار، فإن الإنسان الذي يبدأ بنفسه ويصلحها أولى وأقرب أن يتقبل منه وعظه وإرشاده وأمره ونهيه، على حد قول بعضهم:
مـواعــظ الـواعظ لـن تُقبلَا حـــتى يعيهـــا قلبــه أولا
يـا قـوم مـن أظلـم من واعظ خـالف ما قـد قـاله في الملا
أظهــر بيـن النـاس إحسـانه وخــالف الرحــمن لمـا خـلا

وكذلك قول بعضهم: إن المواعظ إذا ظهرت من القلب وصلت إلى القلب، وإذا ظهرت من اللسان لم تجاوز الآذان. فالذي يأمر بالمعروف ولكنه لا يمتثله، وينهى عن المنكر ويخالف فيفعله، لا تقع مواعظه موقعا سليما، ولو لم يظهره. فالموعظة الخالصة تعرف من الرجل الناصح، وذلك لحسن موقعها وحسن آثارها.
فعلى كل حال: إذا بدأ الإنسان بنفسه فأصلحها، انتقل إلى غيره. قال الشاعر:
وغير تقي يأمر الناس بالتقى طبيـب يداوي الناس وهو سقيم
يـا أيهـا الرجل المعلم غيره هلا لنفســك كـان ذا التعليـم
ابـدأ بنفسك فانهها عن غيها فــإذا انتهـت عنه فأنت حكيم
فهنالك يقبل ما تقول ويهتدى بـالقول منـك وينفـع التعليـم
لا تنـه عـن خلق وتأتي مثله عـار عليـك إذا فعلـت عظيـم

وذلك أن الإنسان مأمور بأن يصلح حاله وحال أهله ومن هو مسؤول عنهم، فإذا أصلحهم لم يكن عليه أي اعتراض، ومن أراد الإنكار والاعتراض عليه وهو قائم بالحق، ومكمل له، لم يجد ما يعترض به.
أما إذا قصَّر الإنسان في نفسه، أو في أهل بيته، أو في أولاده، أو في من تحت يده، أو نحو ذلك، فإن الناس يعترضون عليه، ويقولون: لو كان صادقا لبدأ بأهل بيته، وبمن تحت يده.
وبالجملة: فمتى أراد الإنسان أن يكون لعمله أثر، فإن عليه أن يكمله ويأتي به على وجهه، حتى يرى أثره عليه، وإذا فعل ذلك فإن له أجرا كبيرا، وهو أن يثيبه الله -تعالى- مثل أجر من اهتدى على يديه، كما جاء في الحديث الشريف عنه -صلى الله عليه وسلم- من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه مثل أوزار أو آثام من اتبعه، من غير أن ينقص من آثامهم شيئا .
فعلى المسلم أن يعرف هذا الأمر، ويجتهد فيه حتى يُثاب عليه إن شاء الله -تعالى- ويسلم من العقاب.

line-bottom