اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
shape
شرح كتاب الآجرومية
174157 مشاهدة print word pdf
line-top
الحرف الثالث: ثم

...............................................................................


أما العطف بثم؛ فإنها للترتيب والتأخر. المعطوف بثم لا شك أنه متأخر عن المعطوف عليه، وبينهما مهلة وزمن قليل أو كثير فقوله تعالى: فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ كل هذه أفعال مرتبة؛ حصل الأول قتل كيف قدر كيف قدر . حصل بعده النظر ثُمَّ نَظَرَ حصل بعده العبوس ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ حصل بعده الإدبار ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فهذه الأفعال كلها معطوف بعضها على بعض بثم. وهي مرتبة؛ أولها مثلا التقدير قَدَّرَ وثانيها النظر، وثالثها العبوس إلى آخره. وهكذا مثلا إذا قلت: جاء زيد ثم إبراهيم ثم سعيد ثم بشر؛ بين كل اثنين مهلة وزمان.
ولاحظ أيضا الإعراب؛ أن الأول يتبعه ما بعده. إن كان مرفوعا فإن ما بعده تتبعه بالرفع، وهكذا إن كان منصوبا حافظ على أن تكون الأسماء المعطوفة عليه بعده تنصب.

line-bottom