الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
شرح كتاب الآجرومية
173541 مشاهدة print word pdf
line-top
القيد الرابع: الوضع العربي

كذلك الرابع: الْوَضْعُ: الوضع في اللغة هو: وضع الحوامل، قال تعالى: وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وكذلك وضع الأثقال، إذا كان الإنسان قد حَمَّلَ سيارتَهُ عفشًا أو نحوه، ثم وضعه على الأرض، قيل: هذا الوضع مناسب، وضعه هاهنا، الوضع: وضع الحوامل ووضع الأثقال ووضع الجوائح، وما أشبه ذلك، ومنه أيضا: وضع الديون، وَضَعْتُ عنك من الدَّيْنِ كذا، يعني: أَسْقَطْتُهُ.
أما الوضع في الاصطلاح، فهو: جَعْلُ اللَّفْظِ دليلًا على المعنى، أن تكون الكلمات مما وَضَعَتْها العرب، مِمَّا نطقت بها، وتكلمت بها، وكان لها أصل في لغة العرب، فأما الكلمات التي لم تضعها العرب، سواء كانت أفعالًا أو أسماءً، فإنها لا تدخل في الكلام، ولا يحصل التعبير بها، فالكلمات الأعجمية- ولو كانت مفيدة- ما نسميها كلاما، سألني بعض من لا أعرف لغته، وأخذت أكرر عليه، يقول بلغة لا أعرفها، يظهر أنها الإنجليزية، يقول: speak English فهذه الكلمة حيرتني حتى فهمت معناها، هل هذه الكلمة من العرب؟ من العربية؟ ليست من العربية، فَعُرِفَ بذلك أن الكلمة لا بد أن تكون مما وضعتها العرب، أن تكون كلمةً وضعتها العرب، والكلمات التي وضعتها العرب أسماء لمسميات، وأفعال لحركات، وحروف لمعانٍ، هذه قد اهتم بها اللغويون، وَقَيَّدُوها في كتب، وذكروا معانيها، فأصبحت هي التي يُتَكَلَّمُ بها، فإذا كانت الكلمات من وضع العرب، فهي مفيدة، وإلا فليست مفيدة.
وبكل حال فإذا اجتمع في الكلام هذه القيود الأربعة، فهو كلام: أن يكون لفظا، وأن يكون مركبا وأن يكون مفيدا وأن يكون موضوعا وضعا عربيا.

line-bottom